وكما يجوز أن لا يأخذ الرشوة ويميل الى كل منهما ، كذلك يجوز أن يأخذها ولا يميل الى واحد منهما ، وحينئذ فلا ترجيح لهذا الاحتمال على هذا الاحتمال ، فتأمل.
أو المراد بهما أخذ الرشوة والتقصير في الاجتهاد الموجب للخطإ في الحكم ، فان لم يأخذ ولم يقصر فإلى الجنة ، والا فإلى النار.
أو المراد منهما الخصمان ، و « حتى » تعليلية ، وفي الكلام تشبيه واستعارة تمثيلية شبه الهيئة المنتزعة من القاضي ورده السلام ، والكلام عليهما ، أو رميه النظر إليهما ، تارة الى هذا واخرى الى ذلك بالهيئة المنتزعة من الناسك ، ورميه الحصاة على الجمرتين تارة على هذه واخرى على تلك.
والمعنى : أن القاضي لانه يقضي بين الناس لسانه بين خصمين منهم يكلمهما ويباحثهما في مباحثهما ، فاما أن يميل بقضائه بينهما بالحق إلى الجنة ، واما أن يميل بقضائه بينهما بالجور الى النار. ولما كان كل من المذكورات سببا للنار أطلقت عليه.
وهنا احتمالات أخر كلها كهذه الاحتمالات بعيدة.
والتحقيق أن كل قاض بما هو قاض لا يخلو من أن يكون جاهلا بالحق ، أو عالما به ، والعالم لا يخلو من أن يحكم على خلاف علمه لغرض نفساني ، أو على وفاقه. والأولان وهو الحكم جاهلا بالحق سواء وافقه حكمه أو خالفه ، وعالما به مع مخالفته مقتضاه يفضيان الى النار. والثالث وهو الحكم عالما بالحق مع موافقته له يوجب الجنة.
واليه يشير قول سيدنا أبي عبد الله الصادق عليهالسلام القضاة أربعة : ثلاثة في النار وواحد في الجنة ، رجل قضى بجور وهو يعلم فهو في النار ، ورجل قضى بجور وهو لا يعلم فهو في النار ، ورجل قضى بحق وهو لا يعلم فهو في النار ، ورجل قضى