والظاهر أنه على تقدير رؤيته قبل الزوال ، فانما يرى بعد مضى هذا الثلث أو في أو اخره ، كما تشهد له التجربة ، وخاصة اذا اعتبر مبدأ النهار من طلوع الفجر ، كما هو المقرر في الشرع ، وعلى هذا فلا حاجة الى قوله رحمهالله.
أقول : حمل طاب ثراه الوسط على الان ، والاخر على الزمان الذي بعده مع أنه لا نسبة بينهما أصلا ، فلا وجه لموجه كلامه أن يذكر هذا الكلام ، وان ذكر بعنوان الاعتراض على الاستدلال بهذه الرواية على المشهور.
اجيب بأن اعتبار المطابقة في الاقسام الثلاثة غير ظاهر بل ممتنع لتعذر علم المخاطبين بالاقسام حينئذ ، فلعل المراد بالاول الغير المذكور هو قدر من النهار الذي لا يرى الهلال فيه البتة والوسط والاخر ما بقي منه الى الليل والتميز بينهما انما هو بحسب العرف ، فان اشتبه أواخر الوسط بأوائل الاخر ، فلا مضرة فيه لانفاقهما في الحكم. أقول : وبما ذكرناه هناك غني عن أمثال ذلك بعد التأمل.
ثم قال : وأما رابعا ، فلان تفسير الوسط بالان الذي هو وسط للنهار المعروف بين المنجمين هو تفسير لوسط النهار بقبل الزوال ، لان الزوال هو زيادة الظل بعد نقصانه ، فالوسط بمعنى الان مبدأ خارج للزوال ، فارادة منتصف ما بين الحدين من الوسط مع امتناعها دالة على المذهب الاول لا الثاني.
فظهر قوة دلالة الرواية على المشهور بحسب المنطوق ، وان سلم كون النهار ما بين طلوع الشمس الى غروبها ، كما اختاره رحمهالله وان حمل على المعنى المشهور بين أهل الشرع ، فالدلالة على المشهور أظهر.
وقال طاب ثراه بعد كلامه المنقول : ويؤيده ما رواه الشيخ عن محمد بن عيسى ، قال : كتبت اليه جعلت فداك ربما غم علينا هلال شهر رمضان ، فنرى من الغد الهلال قبل الزوال ، وربما رأيناه بعد الزوال ، فترى أن نفطر قبل الزوال