الى حلالنا وحرامنا وعرف أحكاما فاتخذوه قاضيا فاني جعلته عليكم قاضيا (١).
وقد سبق الكلام منا في أن كل قاض مجتهد ، فالقاضي عندنا مجتهد.
وصورة القياس هكذا : هذا ناظر في الحلال والحرام الشرعيين ، وكل ناظر كذلك فهو قاض. أما الاولى ، فعلى ما هو المفروض ، وأما الثانية ، فعلى ما نطق به الحديث السابق ذكره.
ولنجعل النتيجة صغرى القياس ، هي ما نحن فيه على هذا النمط هذا قاض ، وكل قاض مجتهد.
أما الاولى ، فعلى قياس أختها السابقة.
وأما الثانية ، فعلى ما سفر بيانها أيضا.
وقد دل الحديث المسفور على وجوب متابعة القاضي في أقواله المأمورة بها فيلزم منه على ما بيناه وشرحناه وجوب متابعة المجتهد في أقواله أيضا كذلك ، اذا كان بصيرا عدلا اماميا.
ولا يجب علينا متابعته في أقواله الا من حيث أنه يجب عليه ما يجب من اتباعه لظنه ، لان المعنى من ظنه ما يفهمه من الكتاب والسنة وغيرهما من الاخبار والآثار والبراءة الاصلية والاستصحاب وغيرها ، ويرجحه على غيره بطريق من طرق الترجيح المذكورة في فن الاصول ، اذا الظن يلزمه الترجيح على ما هو مشهور وفي كتب القوم مسطور.
فهذا الحديث كما ترى بحمد الله جل ذكره وأضرابه وهي لكثيرة ، وسيجيء نبذ منها في هذا الباب ، صريحة الدلالات على أن المجتهد يجب عليه اتباع ظنه ، وهو المطلوب.
وبوجه آخر : النظر عبارة عن ترتيب أمور معلومة المبادي الى أمر مجهول
__________________
(١) تهذيب الاحكام ٦ / ٣٠٢.