أما سمعت الخبر المستفيض الشائع الذائع بين الامة من أن النبي عليه وآله الصلاة والسلام لما بعث معاذا قاضيا الى اليمن قال له بما تحكم؟ قال : بكتاب الله.
ثم قال : فان لم تجد فيه ، قال : فبسنة رسول الله ، قال : فان لم تجد فيها ، قال : باجتهادي. وهذا الخبر كسابقه نص بالباب.
ويدل عليه أيضا ما رواه سالم بن مكرم الجمال ، وهو قول أبي عبد الله عليهالسلام اياكم أن يحاكم بعضكم بعضا الى أهل الجور ، ولكن انظروا الى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم قاضيا ، فاني جعلته عليكم قاضيا فتحاكموا اليه (١) (٢).
ووجه الاستدلال منه على هذا المطلب على نمط ما سبق منا في الحديث الاول.
وكذلك يدل على ما نحن فيه قوله تعالى « فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ » (٣).
وجه الدلالة أن الناس على ما يقتضيه ظاهر هذه الآية صنفان : عالم وجاهل ، والجاهل كما ترى قد أمر أن يسأل أهل العلم ، فلو لا أنه يجب عليهم أن يجيبوه
__________________
(١) يستفاد من حديث الجمال أحكام خمسة : الاول التجزى في الاجتهاد لمكان قوله عليهالسلام « شيئا » وهو نكرة. الثاني : اشتراط الذكورية في القاضى للفظه « الرجل » الثالث : كونه اماميا لقوله عليهالسلام « منكم » الرابع : كونه مجتهدا لقوله عليهالسلام « يعلم شيئا » اذا المقلد لا يسمى عالما بالاحكام الخامس : كونه نائبا للامام عليهالسلام لقوله عليهالسلام « جعلته عليكم قاضيا » « منه ».
(٢) تهذيب الاحكام ٦ / ٣٠٣.
(٣) سورة النحل : ٤٣ ، والانبياء : ٧.