فقوله عليهالسلام « أترغب عنا » استفهام انكاري وتوبيخ ، أي : ان كنت لا تقبل قولنا ولا تقتدي بنا ، فقد خرجت عن طريقتنا وملتنا.
وهذا تمام الانكار على الحسن بن الجهم ، وهو من أكابر أصحاب الرضا عليهالسلام على ما قيل ، فكيف حال الواحد منا اذا لم يؤخذ قولهم بالقبول واختار لنفسه شرعا آخر ، نعوذ بالله من ذلك.
ومما ذكرناه ونقلناه يظهر لك أن ما رويت في مجلس مناظرتك عن شيخك العلامة رحمهالله أنه كان يدغدغ في ذلك مما لا أصل له أصلا ، بل هو مخالف للنص والاجماع كما قد عرفت آنفا.
فان كنتم في ذلك مقلدين لشيخكم العلامة ، فلا تقليد بقول الميت ، على ما هو الحق من مذهب أصحابنا الامامية رضوان الله عليهم ، وقد بين ذلك في موضعه وذكرنا نبذا من أدلته في رسالتنا المسماة بالتعليقات.
وان كنتم مجتهدين فيه ، نطالبكم البينة ونقول : هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين ، ولا ريب في أنه ليس لكم في ذلك جواب ، الا أن تقولوا انا وجدنا آباءنا على أمة وانا على آثارهم مقتدون ، ولعلكم تقولون في ذلك مقالة الاخباريين.
فالامر على ذلك عليكم أشكل ، لان تلك المسألة التي رويتموها ونقلتموها عن شيخكم المرحوم ليس منها بخصوصها بل بعمومها في الاخبار عين ولا أثر.
وان كنتم أنتم أنفسكم تدعون أن لها مأخذا ، فأتوا به ان كنتم تعلمون.
وبالجملة أدلة الاحكام عند الاصحاب منحصرة في كتاب الله العليم ، وسنة رسوله الكريم صلىاللهعليهوآله المتواترة المنقولة عنه ، أو عن أحد من الائمة المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، وبالاحاد مع سلامة السند ، والاجماع على تقدير ثبوته ، ودليل العقل كالبراءة الاصلية والاستصحاب والاحتياط.
ولما اشترك الكتاب والسنة والخبر في كونها دالة بمنطوقها تارة وبمفهومها