فصل
[ مقدار ما يحبى به ]
ومن الأصحاب من جعل اختلاف الروايات في مقدار ما يحبى به مؤيدا للقول بالاستحباب ، ولا كذلك كما عرفته ، ولأن الرواية المشتملة على أقل ما يحبى به ، كالسيف والسلاح مثلا ، لا دلالة فيها على الزائد منهما بنفي ولا إثبات ، فإذا دلت عليه تلك الاخبار وجب المصير اليه لعدم المعارض.
فان قلت : مسلم أنه لا معارض له من السنة ، ولكنه قد عارضه الكتاب.
قلت : انهما دليلان شرعيان تعارضا ، فوجب الجمع بينهما بتخصيص العام منهما بغير ما دل عليه الخاص ، والا لزم إلغاؤه ، والجمع أولى من الإلغاء.
ومنه يظهر أن الأحوط اختصاص المحبو بجميع ما دلت عليه الاخبار بعمومها لا خصوص ما هو المشهور فيهم من الثياب والخاتم والسيف والمصحف ، فإن الزائد على ذلك من الدرع والكتب والرحل والراحلة مما دل عليه الخبر الصحيح ولا معارض له ، فتعين القول به.
كما هو ظاهر الصدوق في الفقيه (١) فإنه ذكر في باب نوادر الميراث ما دل على ذلك ، وقد التزم في صدر الكتاب أن لا يذكر فيه الا ما يفتي به ويعتقد أنه حجة بينه وبين ربه تقدس ذكره.
نعم أنه لم يذكر فيه الدرع والراحلة ، ولكنهما مذكوران في صحيح الخبر فلا وجه للاعراض عنهما ، وتخصيص الحبوة بما عداهما ، فإنه تخصيص من غير مخصص.
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه ٤ / ٣٤٦.