بين الحكم الشرعي وملزومه وهو كلام العترة الطاهرة في مفروض المقام ، لكون هذه الملازمة قطعيّة على جميع التقادير ، وإنّما الاختلاف فيهما إنّما يتأتّى في إحراز ملزوم الحكم والكلام لكونه من أصله من الأسباب الضروريّة الصالحة لأن تندرج في الحسّيات أو في المتواترات.
فالعصمة عن الخطأ عند التمسّك بكلام العترة إنّما تتأتّى إذا أحرز كلامهم بطريق الحسّ كما في صورة المشافهة وهو متعذّر بالنسبة إلينا جدّا ، أو بطريق التواتر وما بمعناه كالاحتفاف بقرائن القطع وهو أيضا متعذّر غالبا ، والاكتفاء في إحرازه بالطرق الظنّية من عدالة المخبر أو وثاقته وتحرّزه عن الكذب أو غير ذلك تعريض للنفس في معرض الخطأ ، ضرورة أنّه بعد الاكتفاء بالظنّ في إحراز ملزوم الحكم لا فرق بين كون الملزوم الّذي اريد إحرازه من معلولات الحكم الّتي منها كلامهم عليهمالسلام كما عليه مبنى العمل بأخبار الآحاد الغير المحفوفة بالقرائن ، أو من علله كما عليه مبنى العمل بالقياس ونحوه ، فالخطأ المنفيّ المطلوب خلافه بمقتضى الدليل مشترك اللزوم بين العمل بالقياس وغيره من الطرق الغير الراجعة إلى كلامهم والعمل بالأخبار المرويّة عنهم بطرق الآحاد بعد البناء على قلّة ما روي منها بطريق التواتر وما اختصّ بها بقرائن القطع كما هو المفروض المحقّق المقطوع به.
فحقّ المقام أن يقال : إنّ مقتضى الأدلّة القطعيّة أنّ الشارع تعالى يريد في امتثال أحكامه والتديّن بشرعه الاستناد إلى كلام أهل العصمة ولو أحرز ذلك بغير [ الطرق ] العلميّة ، فإنّ الخطأ حينئذ على تقدير طروّه بحسب الواقع مغتفر بخلاف الاستناد إلى غير كلامهم ممّا لا يرجع إليه أصلا ، فإنّه ممّا لا يريده الشارع فلا يكون الخطأ الطارئ مغتفرا بل يبغضه فلا يكون الصواب الحاصل مقبولا ، وهذا المعنى كما ترى لا ينافي طريقة المجتهدين من أصحابنا ، بل ينافي طريقة المجتهدين من أهل الخلاف ، فكلام الأخباري في الحقيقة كان معهم دون أصحابنا ، فلا كلام لنا معه حينئذ.
فقد تقرّر بجميع ما ذكر أنّ مؤدّيات الاجتهاد المستفادة من الكتاب والسنّة وما يرجع إليهما في حقّ المجتهد إذا كان مطلقا ـ بأن يكون له ملكة عامّة بالقياس إلى جميع المسائل ـ أحكام فعليّة قد علم بها بمقتضى الأدلّة القطعيّة المتقدّمة ، هذا هو معنى مشروعيّة الاجتهاد في حقّه.
وأمّا عدم مشروعيّة التقليد له حينئذ فيدلّ عليه وجوه :