سلّمنا ، ولكنّ التعويل في اعتماد ظنّ المجتهد المطلق إنّما هو على دليل قطعيّ ، وهو إجماع الامّة عليه وقضاء الضرورة به *
__________________
وبيانه : أنّ هذا الاختلاف إنّما يتأتّى إذا اعتبر الكاملة عبارة عمّا هو في مرتبة القوّة والناقصة عبارة عمّا هو في مرتبة الضعف كما في الأعلم وغيره ، وهذا في المقام ليس بلازم الفرض ، بل نحن نفرض المسألة واقعيّة ونقول : إذا كان القدرة على الاستنباط والقوّة الباعثة على هذه القدرة في كلّ من المتجزّي والمطلق بالقياس إلى المسألة المبحوث عنها في مرتبة واحدة على وجه لم يكن لقوّة المطلق بالقياس إلى غير هذه المسألة مدخليّة في قوّته الحاصلة بالقياس إليها أصلا ، ومع هذا الفرض فكيف يعقل الاختلاف بينهما بكون قوّة المطلق أبعد عن احتمال الخطأ من قوّة المتجزّي بل قضيّة ذلك كون احتمال الخطأ بالنسبة إلى كلتيهما في مرتبة واحدة.
وبهذا البيان سقط احتمال كون العلّة في العمل بظنّ المجتهد المطلق قدرته على استنباط المسائل كلّها ، فإنّ هذا الاحتمال إنّما يقوم في المقام إذا كان لعموم قدرته مدخل في كون قدرته بالقياس إلى مسألة شاركه المتجزّي في الاجتهاد فيها أبعد عن احتمال الخطأ من قدرة المتجزّي. وقد عرفت منعه بما لا مزيد عليه.
وعلى فرض تسليم كون ما للمتجزّي من القدرة على استنباط المسألة أقرب إلى احتمال الخطأ ممّا للمطلق بالقياس إلى هذه المسألة ، نقول : إنّ هذا القرب ينجبر بخلوص ظنّ المتجزّي بالقياس إلى نفسه عن البعد الّذي يطرأ ظنّ المطلق بالقياس إلى مقلّده من جهة عروض جهة الفتوى لهذا الظنّ الباعثة على جريان جملة كثيرة من الاحتمالات المبعدة عن الواقع حسبما أشرنا إليها مستوفاة ، بل ظنّ المتجزّي لنفسه إذا قابله ظنّ المطلق له مع ملاحظة طريان هذه الاحتمالات له أقرب إلى الاعتبار منه لكونه أبعد عن احتمال مخالفة الواقع منه.
* وعن بعض الأفاضل ـ والظاهر أنّه صاحب الوافية ـ الاعتراض عليه : بأنّ حصول الإجماع في هذه المسألة غير ظاهر ، إذ ظاهر أنّ هذه المسألة ممّا لم يسأل عنه الإمام عليهالسلام فالعلم بالإجماع الّذي يقطع بدخول المعصوم فيه بالنسبة إليها وإلى ما يضاهيها من المسائل الّتي لم يوجد فيها نصّ شرعي ممّا لا يكاد يمكن ، كيف والعمل بالروايات في عصر الأئمّة عليهمالسلام للرواة بل وغيرهم لم يكن موقوفا على إحاطتهم بمدارك الأحكام والقوّة القويّة على