مرجعه إلى النظر في الأدلّة التفصيليّة.
ومعلوم أنّ الملكة المضافة إلى النظر يغاير الملكة المضافة إلى العلم الحاصل بالنظر.
فإن قلت : إنّ العلم من الامور التوليديّة المترتّب حصولها على حصول المقدّمتين قهرا ، فلا يضاف إليه ملكة إلاّ وهي الملكة المضافة إلى المقدّمتين ، فهي أمر واحد يضاف إليهما أوّلا وبالذات وإليه ثانيا وبالعرض ، فالملكة المأخوذة في « الفقه » هي الملكة المأخوذة في « الاجتهاد » بعينها فلا تغاير بينهما.
قلت : هذا إذا اعتبرنا الملكة المضافة إلى النتيجة في مقابلة الملكة المضافة إلى مجموع المقدّمتين وليس المقام كذلك ، فإنّ الملكة المأخوذة في مفهوم الاجتهاد ليست هي الملكة المضافة إلى مجموع المقدّمتين ، بل هي ملكة مختصّة بالصغري وهي بمجرّدها لا تكفي في حصول الملكة المضافة إلى النتيجة ، بل لا بدّ معها من ملكة اخرى يتحصّل بها الكبرى ، فالهيئة الحاصلة عن مجموع الملكتين هي الملكة المضافة إلى النتيجة لا الملكة المختصّة بالصغرى وحدها ، وقضيّة ذلك كون ملكة الاستنباط جزءا من ملكة الفقاهة ، فحصل بذلك التغاير فيما بين الاجتهاد والفقه شبه تغاير الجزء والكلّ.
ـ تعليقة ـ
قد عرفت أنّ الاجتهاد قد يلاحظ باعتبار الفعل وقد يلاحظ باعتبار الملكة وهذان إذا اضيفا إلى جميع المسائل وإلى بعضها يتصوّر في المقام صور كثيرة ، وهي حصول كلّ من الملكة والفعليّة بالقياس إلى جميع المسائل ، وحصولهما معا بالقياس إلى بعضها ، وحصول الملكة بالقياس إلى الجميع والفعليّة بالقياس إلى البعض ، وحصول الفعليّة بالقياس إلى الجميع والملكة بالقياس إلى البعض ، وحصول الملكة بالقياس إلى الجميع أو البعض معرّاة عن الفعليّة ، وحصول الفعليّة بالقياس إلى الجميع أو البعض معرّاة عن الملكة ، فهذه ثماني صور.
ثمّ إنّ المجتهد عندهم ينقسم إلى مطلق ومتجزّ ، ويدخل في الاجتهاد المطلق من الصور المذكورة ثلاث صور وهي ما لو حصلت الملكة والفعليّة معا بالقياس إلى الجميع ، أو حصلت الملكة بالقياس إلى الجميع مع فعليّة البعض ، أو معرّاة عن الفعليّة بالمرّة ، كما أنّه يدخل في المتجزّي صورتان وهما : حصول الملكة بالقياس إلى البعض خاصّة مع الفعليّة بالقياس إليه ، أو معرّاة عنها ، وهما بكلتيهما على ما صرّح به الفحول ويساعده عليه عناوينهم