المفصّل أو كتاب سيبويه » إلى آخره فإن رجع إلى ما قرّرناه فمرحبا بالوفاق ، وإلاّ فيدخل في قول من لا دليل عليه إلاّ مجرّد دعواه.
وأمّا ما عساه يقال في سند دعوى كفاية الظنّ المطلق هاهنا من : أنّه يستلزم الظنّ بالحكم الشرعي وهو حجّة لدليل الانسداد وغيره وملزوم الحجّة لابدّ وأن يكون حجّة ، كما قيل به في سند دعوى حجّية الظنّ الحاصل من قول اللغوي بالخصوص في غير المقام.
ففيه ـ بعد منع كلّية هذه القاعدة كما نبّهنا عليه في غير موضع ـ : أنّ المحقّق من مقتضى دليل حجّية الظنّ انسدادا كان أو غيره إنّما هو الظنّ الاطمئناني بعد تعذّر العلم دون ما زاد عليه ، فعلى مدّعي الزيادة إقامة الدليل عليها.
الثالث : لا يجب في شيء من العلوم المذكورة الإحاطة بجميع مسائلها ، بل يكفي في كلّ واحد معرفة ما يكفي في حصول الغرض الأصلي وهو الاستنباط ، كما نصّ عليه جماعة وتقدّم في عبارة المصنّف إليه الإشارة ، حيث عبّر بعلم ما يتوقّف عليه الاستنباط من اللغة ومعاني الألفاظ العرفيّة ، فلا يشترط أن يكون في اللغة أو النحو أو غيره كسيبويه ونحوه كما صرّح به في التنقيح في عبارة محكيّة له.
الرابع : ربّما يعدّ من العلوم العربيّة المحتاج إليها في استنباط الأحكام علم المعاني كما عن بعض العامّة.
وعن الوافية (١) وغيره أنّه المنقول عن السيّد الأجل المرتضى في الذريعة (٢) ، وعن الشهيد الثاني في كتاب آداب العالم والمتعلّم (٣) وعن الشيخ أحمد بن المتوّج البحراني في كفاية الطالبين (٤).
بل ربّما يحكى القول بشرطيّة علمي المعاني والبيان معا ، لتوقّف معرفة جملة من التكاليف الّتي لها مدخل في معرفة المعاني وتمييز الأفصح عن الفصيح والفصيح عن غير الفصيح في مقام التعارض على العلم المذكور ، واستحسنه بعض الفضلاء.
وعن الوافية أنّه بعد ذكر علم البيان قال : « ولم يفرّق أحد بينه وبين المعاني في الشرطيّة والمكمّلية إلاّ ابن أبي جمهور ، فإنّه عدّ علم المعاني من المكمّلات وسكت عن البيان » (٥) بل
__________________
(١) الوافية في اصول الفقه : ٢٨٠.
(٢) الذريعة إلى اصول الشريعة ٢ : ٨٠٠.
(٣) المسمّى بـ : منية المريد في آداب المفيد والمستفيد : ٢٢٥.
(٤) كفاية الطالبين : ٣٨ ( المخطوط ).
(٥) الوافية : ٢٨١.