مجتهدون من حيث لا يعلمون.
وأضعف من ذلك أيضا دعوى حصول العلم العادي بخبر الثقة وغيره إذا دلّ القرينة على صدقه إن اريد به ما لا يجامعه الاحتمال ظاهرا وواقعا ، ضرورة أنّ الوثاقة بنفسها ـ على فرض ثبوتها بعنوان القطع ـ إنّما يصلح أمارة لظنّ الصدق وأقصى مراتبه كونه على وجه الاطمئنان ، ونحوها سائر قرائن الصدق على فرض اتّفاق حصولها ، فليس شيء من الأمرين من موازين العلم العادي بالمعنى المتقدّم.
نعم قد يتّفق العلم العادي بالصدق في مورد التواتر ، غير أنّه مع ندوره ليس للوثاقة وغيرها من أنواع القرينة مزيد دخل فيه ، لإناطتهم العلم فيه ببلوغ المخبرين في الكثرة حدّا يمتنع عادة تواطئهم على الكذب ، فالعبرة فيه بكثرة المخبرين لا غير ، لكنّ الخطب في ذلك سهل حيث إنّ الموجّه بمقتضى ظاهر كلامه إنّما أراد بالعلم العادي هنا مجرّد ما يسكن إليه النفس وإن كان قد أخطأ في تسميته علما.
نعم كونه علما شرعيّا على معنى قضاء الشرع بقيامه مقام العلم الحقيقي من حيث العمل والاعتبار لا مانع منه ، بل هو الّذي يجب الإذعان به حسبما مرّ تفصيله وإقامة الدليل عليه.
ثمّ إنّه قد بقي الكلام في مستند سائر الأقوال المتعلّقة بالمسألة المتقدّم إليها الإشارة.
فأمّا القول بكون أخبار الكتب الأربعة قطعيّة الاعتبار وإن لم تكن قطعيّة الصدور ، فلم نقف على تفصيل مستنده سوى ما تقدّم عند حكاية هذا القول من التعليل بشهادة مصنّفيها بذلك ، وللحرّ العاملي فيه كلام محكيّ عنه في الوسائل متضمّن لعدّة امور يمكن أخذها مستندا لهذا القول ، وإن كان سياق هذا الكلام وأكثر فقراته أظهر في دعوى القطع بالصدور والصحّة بمعنى الصدق ، لجواز كونها مرادا بها الاعتبار الّذي هو أعمّ ، فإنّه بعد ما صرّح بحصول القطع العادي من شهاداتهم كالعلم بأنّ الجبل لم ينقلب ذهبا قال : « إنّه لاتّفاق الشهادات وغير ذلك أولى من نقل ثقة واحد كالمحقّق والشهيد من الفتوى من فتاوى أبي حنيفة في كتابه ، مع أنّا نرى حصول العلم لنا بذلك من النقل المذكور فكيف لا يحصل بشهادة الجماعة » وعنه أنّه ذكر : « أنّه لو لم يجز لنا قبول شهاداتهم في صحّة أحاديث كتبهم لما جاز لنا قبولها في مدح الرواة وتوثيقهم ، فلا يبقى حديث صحيح ولا حسن ولا موثّق ، بل يبقى جميع أخبارنا ضعيفة ، واللازم باطل فكذا الملزوم والملازمة ظاهرة ، بل الإخبار بالعدالة أشكل وأعظم وأولى بالاهتمام من الأخبار بنقل الحديث من الكتب المعتمدة ، فإنّ