فاعلم : أنّ جمعا من الأصحاب وغيرهم عدّوا في الشرائط : معرفة ما يتوقّف عليه العلم بالشارع من حدوث العالم وافتقاره إلى صانع موصوف بما يجب ، منزّه عمّا يمتنع ، باعث الأنبياء ، مصدّق إيّاهم بالمعجزات ، كلّ ذلك بالدليل الإجمالي ، وإن لم يقدر على التحقيق والتفصيل * ما هو دأب المتبحّرين في علم الكلام.
وناقشهم في ذلك بعض المحقّقين : بأنّ هذا من لوازم الاجتهاد وتوابعه ، لا من مقدّماته وشرائطه. وهو حسن ، مع أنّ ذلك لا يختصّ بالمجتهد ، إذ هو من شروط الإيمان **
__________________
* هذا البيان ملخّص ما أرادوه من قولهم بشرطيّة معرفة الكلام ، كما عن النهاية والتحرير ، والتهذيب ، والذكرى ، والدروس ، والتنقيح ، والروضة ، والفوائد الحائريّة ، ورسالة الاجتهاد والأخبار ، والوافية.
ووجه الاشتراط ـ على ما يستفاد من كلام جماعة ـ : أنّ معرفة الأحكام الشرعيّة يتوقّف على الاعتقاد بوجودها ، المتوقّف على معرفة الشارع وصفاته من كونه قادرا عالما مرسلا للرسل ، ومعرفة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وصدقه وعصمته ، فإنّ معرفة الوجوب بدون الموجب بل معرفة الحكم الشرعي بدون معرفة الشارع بالمعنى الشامل للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم محال.
وأمّا ما في كلام جماعة ـ منهم بعض الأعلام ـ من التعليل بأنّ المجتهد يبحث عن كيفيّة التكليف وهو مسبوق بالبحث في معرفة نفس التكليف والمكلّف ، فلعلّه مسامحة في التعبير ووارد على خلاف التحقيق ، فإنّ المطلوب في مقام الاجتهاد ما هو موضوع التكليف ، لا نفس التكليف وإلاّ لزم أن لا يكون العلم من شروط التكليف لئلاّ يلزم الدور ، كما يعلم وجهه بالتأمّل وسبق بيانه في غير موضع من كلماتنا.
** وفي الروضة : « أنّه صرّح جماعة من المحقّقين بأنّ الكلام ليس شرطا في التفقّه ، فإنّ ما يتوقّف عليه منه مشترك بين سائر المكلّفين » إلى آخره.
وقد تحمل هذه العبارة على نفي الشرطيّة رأسا كما هو مفاد ما حكاه المصنّف ، ولكنّه ليس كما حمل كما يشهد به التأمّل في مساقها ، فإنّ النفي عند التحقيق راجع إلى ما زاد على المعارف الخمس من المطالب الكلاميّة الّتي منها مباحث الجواهر والأعراض كما