أصل
اتّفق الجمهور من المسلمين على أنّ المصيب من المجتهدين في العقليّات الّتي وقع التكليف بها واحد وأنّ الآخر مخطئ آثم * لأنّ الله تعالى كلّف فيها بالعلم ونصب عليه دليلا. فالمخطئ له مقصّر فيبقى في العهدة ، وخالف في ذلك شذوذ من أهل الخلاف. وهو بمكان من الضعف.
__________________
ـ تعليقة ـ
ومن لواحق الاجتهاد المعدودة من مسائله بحث التخطئة والتصويب اللاحقين للمجتهد باعتبار أنّه مجتهد ، وطريق الكلام فيه يختلف على حسب اختلاف موارد الاجتهاد باعتبار كونها من العقليّات ـ كلاميّة واصوليّة وفروعيّة ـ والشرعيّات ـ ضروريّة ونظريّة قطعيّة وظنّية ـ فالكلام في جميع ذلك يقع في طيّ مسائل :
المسألة الاولى
في التخطئة والتصويب في المسائل العقليّة الكلاميّة الّتي وقع التكليف بها ، كحدوث العالم وإثبات المحدث وصفاته وبعثة الرسل وغير ذلك ممّا يرجع إلى الإيمان بالله ورسوله ومعاد يوم الجزاء ، أو ما لا يرجع إليه كالرؤية وخلق الأعمال وقدم الكلام وعصمة الرسول ونحوها على اختلاف الوجهين حسبما تعرفه.
* والمخالف في المسألة هو الجاحظ والعنبري على ما نقل ، قال العلاّمة في النهاية : « خالف الجاحظ وأبو عبد الله بن الحسين العنبري سائر المسلمين في ذلك ، فذهبا إلى أنّ كلّ مجتهد في الاصول مصيب سواء أخطأ أو لا ، ولم يريدا بذلك مطابقة الاعتقاد للمعتقد للعلم الضروري بفساده ، بل نفي الإثم والخروج عن عهدة التكليف ».
وقال في التهذيب : « أجمعت العلماء على أنّ المصيب في العقليّات واحد إلاّ الجاحظ والعنبري فإنّهما قالا كلّ مجتهد مصيب ، لا على معنى المطابقة بل بمعنى زوال الإثم ».
ولقد وافقه والمصنّف في دعوى الإجماع على القول الأوّل جماعة من العامّة والخاصّة ، فمن العامّة الحاجبي في المختصر وشارح المختصر في بيان المختصر.
قال الأوّل : « الإجماع على أنّ المصيب في العقليّات واحد ، وإنّ النافي ملّة الإسلام مخطئ آثم كافر ، اجتهد أو لم يجتهد ».