الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.
وبعد فهذا هو الجزء الأخير ممّا علّقناه في فنّ الاصول على معالم الاصول.
المطلب التاسع : في الاجتهاد والتقليد *.
__________________
* وقد جرت عادة الاصوليّين قديما وحديثا من العامّة والخاصّة بإيراد مباحث الاجتهاد كمسائل التقليد في الكتب الاصوليّة ، وهذا يوهم كونها من مسائل اصول الفقه كما هو ظاهر كثير وصريح غير واحد منهم ، ولعلّ وجهه صدق تعريف الأكثرين إيّاه بـ « العلم بالقواعد الممهّدة لاستنباط الأحكام الشرعيّة الفرعيّة » عليها ، فإنّها أيضا قواعد مهّدت لاستنباط الأحكام من حيث إنّ الاستنباط لا يتمّ إلاّ بشرائطه ، ومن حيث قبوله التجزئة وعدمه ، ومن حيث إنّه لا بدّ له من مستنبط يعتبر فيه من حيث استنباطه امور ، إلى غير ذلك ممّا يذكر في تلك المباحث من حيث ارتباطها بمقام الاستنباط الملحوظ في نفسه ، أو وصفا في المستنبط من حيث هو ، أو من حيث رجوع الغير إليه في مقام التقليد.
ويشكل : بأنّ هذا وإن كان يقرّب كونها من مسائله ، ولكن يبعّده خلوّها عمّا هو ضابط مسائل الفنّ من كونها باحثة عن أمر يرجع إلى موضوع الفنّ ، بكون موضوعاتها موضوع العلم أو جزءا منه أو نوعا منه أو عرضا ذاتيّا له أو نوعا من عرضه الذاتي ، ولذا يقال : إنّ موضوع العلم ما كان جهة جامعة بين مسائله ، وموضوع البحث في مباحث الاجتهاد ليس هو الأدلّة بأحد هذه الاعتبارات الخمس كما هو واضح ، وإنّما هو الاجتهاد أو المجتهد.
نعم على القول بكفاية صدق تعريف العلم على مسألة في كونها من مسائل هذا العلم تمّ ما ذكر لا مطلقا.
ويمكن الذبّ عنه : بأنّ الاستنباط يقع على الأدلّة فهو من الأحوال المختصّة بها ،