لا الاصوليّة ولا الكلاميّة لابدّ وأن يكون الدليل القائم عليها قاطعا ، فتخرج عن محلّ النزاع بهذا الاعتبار ، لاتّفاق الفريقين على التخطئة فيما قام عليه قاطع.
وهل النزاع يجري في الأحكام الجزئيّة المترتّبة على الموضوعات الخارجيّة كالقبلة والوقت وغيرهما لمن اجتهد فيهما فانكشف خلاف مؤدّاه أو لا؟
يظهر أثر التخطئة والتصويب فيها في حصول الإجزاء المسقط للإعادة والقضاء ، وقد يعبّر بالتخطئة والتصويب في الموضوعات الخارجيّة ، وضابطها الامور الّتي يجتهد فيها ويرجع لإحرازها إلى الأمارات الغير العلميّة بترخيص من الشارع.
فظاهر بعضهم كالشهيد في التمهيد ـ حيث جعل من فروع مسألة التخطئة والتصويب ظهور خطأ المجتهد في القبلة ، فهل عليه الإعادة والقضاء وجهان مبنيّان على القولين في المسألة ـ دخولها في محلّ النزاع.
ويظهر من بعضهم دعوى الاتّفاق فيها على التصويب ، وهذا غير سديد ، إذ لو اريد بالتصويب هنا إدراك نفس الأمر بالنسبة إلى نفس الموضوع فهو ـ مع أنّه خلاف فرض ظهور الخطأ ـ محال ، إذ الجهة الشخصيّة الّتي يقال لها « القبلة » وغيرها من الجزئيّات الحقيقيّة ممّا لا يتحمّل التعدّد.
ولو اريد به إدراك الحكم التكليفي المترتّب على مؤدّى الاجتهاد وإن خالف الواقع ـ كجواز الدخول في الصلاة لمن اجتهد في القبلة أو الوقت ـ فهو حكم ظاهري يتعبّد به من جهة التعبّد بالأمارة أو الظنّ الحاصل منها ، نظير الحكم الظاهري في العمل بالظنون الاجتهاديّة في الأحكام.
وقد عرفت أنّ اختلافه وتعدّده ليس من التصويب بالمعنى المتنازع فيه وإلاّ لم يقل به المخطّئة.
ولو اريد به الإجزاء المسقط للإعادة والقضاء في العمل الواقع على طبق الاجتهاد.
ففيه أوّلا : منع إطلاق الإجزاء.
ولو سلّم فهو متفرّع على كون ما ثبت كونه شرطا في العبادة شرطا علميّا وهو ممّا لا مدخليّة في ثبوته للقول بالتصويب بل يتبع دليل الشرط ، ومع عدم الدلالة يبنى على كونه شرطا واقعيّا للأصل فيه.
وأمّا توهّم شمول النزاع للموضوعات فهو أيضا غير سديد ، إذ الموضوعات لكونها