فلا أرى للبحث في ذلك بعد الحكم بعدم التأثيم كثير طائل*. فلا جرم كان ترك الاشتغال بتقرير حججهم على ما فيها من الإشكال أوفق بمقتضى الحال.
__________________
جعله بالجاهلين لا إذا فرض بحيث يشترك فيه العالم والجاهل ويتساوى نسبته إلى الجميع مع اشتراط فعليّته وتعلّقه بالعلم بذلك المجعول.
ومنها : أنّ الإجماع منعقد على أنّ المجتهد مأمور بالعمل على وفق ظنّه ، ولا نعني بحكم الله تعالى إلاّ ما أمر بالعمل به ، فإذا كان مأمورا بالعمل بمقتضى ظنّه وعمل به كان مصيبا للقطع على أنّه عمل بما أمره الله تعالى به ، فكلّ مجتهد مصيب. ويظهر الجواب عنه بالتأمّل في الجواب عن سابقه.
وتوضيحه : أنّ المسلّم إنّما هو الإجماع على أنّ المجتهد مأمور بالعمل بمقتضى ظنّه على أنّه الحكم الواقعي المجعول في الواقعة مع قطع النظر عن الاجتهاد ، وهذا بمجرّده لا يستلزم كونه مصيبا وإنّما يصير مصيبا إذا صادف ظنّه الواقع لا مطلقا.
والحاصل : أنّ مجرّد الأمر بالعمل على مقتضى الظنّ أعمّ من الإصابة وعدمها.
وإن شئت قلت : إنّ هذا الأمر أمر ظاهري والعمل به في صورة عدم مصادفة الظنّ للواقع ليس من الإصابة بالمعنى المتنازع فيه وإلاّ عاد النزاع لفظيّا كما لا يخفى.
ومنها : قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم » (١) فإنّه لو كان بعضهم مخطئا لما حصل الهدى في متابعته إذ العمل بغير حكمه تعالى ضلال.
والجواب أوّلا : منع سند الحديث ، بل هو يشبه بكونه من موضوعات المخالفين المعاندين للحجّة المنصوبة في تصرّفاته فتوى وحكومة.
وثانيا : منع كون أصحابه مجتهدين بل هم كانوا يتلقّون الأحكام عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فكانوا عالمين بها ، فكون الاقتداء بهم اهتداء إنّما هو باعتبار ما لزمه من الوصول إلى الأحكام الواقعيّة.
وثالثا : أنّ متابعة المجتهد في الحكم الظاهري أيضا نوع من الهدى ، وكونه عملا بغير حكم الله واضح الدفع بأنّ الأحكام الظاهريّة في موضوعاتها أيضا أحكام الله تعالى.
* ظاهره أنّه لو لا حكمهم بعدم التأثيم على التخطئة أيضا الّذي هو في معنى الإجماع
__________________
(١) لا يوجد هذا الحديث في مجامعنا الروائيّة ، وانما أوردوها العامّة في كتبهم عن النبيّ ٦ وهو يشبه بكونه من موضوعات المخالفين كما نبّه عليه الماتن ١.