أصل
والتقليد *
__________________
ورابعا : جواز كون فتواه أوّلا من باب الإفتاء من غير علم ، كما يشعر به قوله : « سألت أصحابي فكرهوا ».
ولا ريب في وجود الردع في مثل ذلك لقبح الإضلال والإغراء بالجهل.
وقد يستدلّ أيضا بقوله تعالى : ( وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ ) وقوله : و ( الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى ) وقوله : ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ ).
وبأنّ في ترك إعلام المقلّد إغراء بالجهل.
وفي الكلّ منع واضح بعد ملاحظة اعتماد المقلّد على طريقة الاستصحاب ، أمّا الأخير فواضح ، وأمّا الآيات فلاختصاصها بمن ليس له طريق شرعي أصلا أو انصرافها إليه ، وعليه فالأصل السليم عن معارضة الدليل عدم وجوب الإعلام.
ويؤيّده لزوم الضيق والحرج في بعض الأحيان من وجوب الإعلام سيّما مع تشتّت المقلّدين وانتشارهم في البلدان ، وما ادّعي من ظاهر السيرة المستمرّة الجارية بين العلماء لشيوع تجدّد الآراء وعدم معهوديّة تعرّضهم الإعلام على وجه الالتزام ، مع أنّه قد يوجب ارتفاع وثوق العامّة عن الخاصّة ويبعث على فتح باب الكلام من أهل الجهالة والعناد على الشريعة المبتنية على طريقة الاجتهاد.
فالأقوى حينئذ عدم الوجوب ، وإن كان الإعلام حيث يمكن أحوط وأقرب إلى طريق النجاة.
ومن الفضلاء من قال : « ولو قيل بالفرق بين ما لو قطع بالبطلان فيجب الإعلام بقدر الإمكان وبين ما إذا لم يقطع به فلا يجب كان قريبا » انتهى.
وسنورد بعض الكلام في ذلك أيضا في مباحث شرائط التقليد المعتبرة فيه من حيث المسألة المقلّد فيها.
* كون التقليد في الأصل تفعيلا من القلادة يعطي كونه لغة لخصوص جعل القلادة في العنق ، يقال : قلّدته قلادة أي جعلتها في عنقه ، لكنّ الاستعمالات الدائرة في العرف والواردة في كتب اللغة ترشد إلى كونه لجعل مطلق الشيء في العنق والرقبة ، ومنه : تقليد الهدي ، وقلّدته السيف ، وقلّدته الدعاء أو الزيارة ، وقلّده القضاء ـ كما في كلام الفقهاء ـ لو قلّد المفضول القضاء.