وممّا يندرج في القاصر ما لو عوّل المقلّد على نقل ثقة فانكشف له الخلاف بكذب الناقل أو خطأه في النقل ، وما لو عوّل على ظاهر كلام المفتي أو الناقل ثمّ انكشف له عدم إرادته ، فيحكم على التقديرين بفساد العمل لمخالفته الواقع.
حجّة القائلين بعدم معذوريّة الجاهل وجوه :
أحدها : أنّ التكاليف معلومة الثبوت بالضرورة ، والأصل حرمة العمل فيها بغير العلم ، خرج العمل بقول المجتهد بالإجماع فيبقى غيره تحت عموم المنع.
وفيه : أنّه لا يتناول القاصر غافلا كان أو جاهلا بالجهل المركّب إذا كان قاطعا بمشروعيّة طريقه الغير المشروع ، إذ لا حرمة في حقّهما لقبح خطاب الغافل في محلّ غفلته وقبح خطاب القاطع بخلاف ما قطعه ، والحرمة المستتبعة لاستحقاق العقوبة في المقصّر المتسامح الّذي أدّى طريقه الغير المشروع إلى مخالفة الواقع بترك واجب أو فعل محرّم ولكن على نفس المخالفة مسلّمة ، وكذلك حرمة سلوك الطريق الغير المشروع إذا لم يؤدّ إلى مخالفة الواقع لمجرّد كونه عملا بغير العلم مسلّمة ، ولكن استحقاقه العقوبة والمؤاخذة بذلك مع عدم مخالفته ولا مخالفة عمله الواقع محلّ إشكال من أنّه عمل بما نهاه الشارع من العمل به وعوّل بما منعه من التعويل عليه ، ومن احتمال كون النهي لمجرّد الإرشاد فتأمّل ، مع أنّه لا تعرّض في الدليل للإعادة والقضاء بإثبات ولا بنفي.
وبالجملة هذا الدليل غير مناف للفرق ، والتفصيل الّذي اخترناه في المقامين ـ المتقدّمين ، مع أنّه على تقدير الإثم واستحقاق العقوبة من الحيثيّة المذكورة ـ لا ينتج عدم معذوريّة الجاهل بالنسبة إلى الواقع مطلقا أو على تقدير مخالفته له وعدم مصادفة الطريق إيّاه ، ولا يثبت به عليه إعادة مع بقاء محلّها ولا قضاء فيما ثبت له قضاء مطلقا أو على تقدير مخالفة عمله الواقع ، مع أنّ ظاهر كلامهم عدم معذوريّة الجاهل فيما جهله من الحكم الشرعي مطلقا أو على تقدير المخالفة ليترتّب عليه ثبوت الإعادة والقضاء كما ينبّه عليه استثناء مسألتي الجهر والإخفات والقصر والإتمام من إطلاق عدم المعذوريّة.
ويرشد إليه أيضا تعبيرهم عن العنوان بالجاهل وتقييدهم له بالحكم الشرعي ، فإنّه يعطي بظاهره عدم المعذوريّة من حيث جهله في الحكم الشرعي لا من حيث تعويله على الطريق الغير الشرعي.
وثانيها : أنّ القول بمعذوريّة الجاهل يستلزم أحد المحذورين : إمّا سقوط جلّ التكاليف ،