وفيه : أنّ الرواية بمقتضى ظاهر السياق واردة في مقام ردع المخالفين الموالين للجبت والطاغوت المتبعين لهما في أعمالهم باعتبار كون جميع أعمالهم بدلالتهما إليه ، فالمقصود أنّ موالاة وليّ الله فيمن يواليه يلزمه أن يكون جميع أعماله بدلالته إليه لا بدلالة الجبت والطاغوت ، كما أنّ موالاة الجبت والطاغوت لازمه أن يكون جميع الأعمال بدلالتهما إليه.
فالرواية تدلّ على أنّ كون جميع الأعمال بدلالة وليّ الله لا بدلالة الجبت والطاغوت من لوازم موالاته ، من غير دلالة لها على كونه من لوازم الأعمال على وجه يكون له مدخليّة في صحّتها ، فقصارى ما يلزم من ذلك بطلان الأعمال باعتبار انتفاء الولاية لا باعتبار انتفاء دلالة وليّ الله إليها.
ولو سلّم فتدلّ على بطلانها باعتبار كونها بدلالة الجبت والطاغوت كما هو من لوازم موالاتهما لا باعتبار عدم كونها بدلالة وليّ الله مع موالاته ، فليس في الرواية دلالة على بطلان أعمال الجاهل الموالي لجهله ، فليتدبّر.
والتحقيق في الجواب أن يقال : إنّ الرواية لا تشمل الجاهل الموالي لوليّ الله ، لأنّ غاية ما تدلّ عليه هو بطلان الأعمال عند انتفاء المجموع من موالاة وليّ الله وأخذ الأعمال منه ، وأمّا استناده إلى انتفاء الأوّل بناء على أنّ الولاية بنفسها من شروط صحّتها ، أو إلى انتفاء الثاني بناء على أنّ الأخذ من وليّ الله من شروطها ، أو إليهما معا بناء على أنّهما شرطان فكلّ محتمل ، والمطلوب إنّما يثبت على ثاني الاحتمالات والرواية غير دالّة عليه.
ورابعها : أنّ كثيرا من جزئيّات الصلاة مثلا ممّا وقع الخلاف في وجوبها واستحبابها ، والإتيان بها على أحد الوجهين واجب وذلك لا يكون إلاّ بتقليد الفقيه حتّى يقصد المقلّد الوجه الراجح عنده ، وهذا مثل الخلاف الواقع بين العلماء في وجوب السورة واستحبابها ، ووجوب التسليم واستحبابه إلى غير ذلك ، احتجّ به بعض الأعاظم.
وجوابه واضح لابتنائه على القول باشتراط قصد الوجه في صحّة العبادة حتّى في الأجزاء وقد عرفت ضعفه.
حجّة القائلين بمعذوريّة الجاهل مطلقا :
الأصل ، وتعسّر معرفة المجتهد واستجماعه الشرائط المعتبرة فيه في كثير من العوامّ ولا سيّما النسوان والأطفال في أوائل بلوغهم ، وأنّ المأمور به هو نفس العبادة وكونها مأخوذة من الإمام أو من المجتهد غير داخل في حقيقته فمتى وجد في الخارج يحصل الامتثال ، والأصل عدم مدخليّة كونها مأخوذة منهم في