قال : فقال : إذا علمت أنّ عليها عدّة لزمتها الحجّة ، فتسأل حتّى تعلم (١).
وحمل ذلك على الجاهل بالتفصيل العالم بالإجمال المتمكّن من العلم التفصيلي بشهادة قوله عليهالسلام : « فتسأل حتّى تعلم » وحمل ما مرّ على الجاهل بالتفصيل والإجمال وهو الجاهل الصرف الغير المتفطّن بقرينة قوله عليهالسلام : « لأنّه لا يقدر على الاحتياط » فإنّ الجاهل المتفطّن يتمكّن من الاحتياط ، طريق جمع بينهما.
وبهذا ظهر أنّ هذه الأخبار من أدلّة ما حقّقناه في عنوان الجاهل بالحكم وفاقا لبعض الفضلاء من كفاية العلم الإجمالي مع التمكّن من العلم التفصيلي في تنجّز التكليف وترتّب جميع آثار الواقع.
وممّا يدلّ عليه أيضا ما رواه المشايخ الثلاث بأسانيدهم عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّ رجلا جاء إليه فقال له : إنّ لي جيرانا لهم جوار تغنّين ويضربن بالعود فربّما دخلت المخرج فأطلت الجلوس إسماعا منّي لهنّ؟
فقال عليهالسلام : لا تفعل ، فقال : والله ما هو شيء أتيته برجلي إنّما هو سماع منّي أسمعه باذني فقال عليهالسلام : أنت أما سمعت الله يقول : ( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً )(٢) وقال الرجل : كأنّي لم أسمع بهذه الآية من كتاب الله عزّ وجلّ من عربي ولا عجمي لا جرم فإنّي قد تركتها ، وإنّي أستغفر الله.
فقال عليهالسلام : قم فاغتسل وصلّي ما بدا لك ، فلقد كنت مقيما على أمر عظيم ما كان أسوأ حالك لو متّ على ذلك ، استغفر الله واسأله التوبة من كلّ ما يكره ، فإنّه لا يكره إلاّ القبيح ، فالقبيح دعه لأهله فإنّ لكلّ أهلا (٣).
وعن الجزائري الاستدلال أيضا بوجوه كثيرة حكاها بعض الأعاظم ولوضوح ضعفها لا جدوى في التعرّض لذكرها هنا ، ومن أراد العثور عليها فليطلبها من الإشارات.
حجّة بعض الأعلام على ما اختاره من معذوريّة الجاهل في العبادات
على معنى سقوط الإعادة والقضاء عنه وإن خالف عمله الواقع إذا كان قاصرا وجوه ، تعرّض لجمعها وضبطها بعض الفضلاء ، وهي : أنّ الأمر يقتضي الإجزاء ، وأنّ التكاليف إنّما تثبت على حسب أفهام المكلّفين ولذا لا يشترط في صحّة صلاة المجتهد موافقتها للواقع ، وإنّ تكليف الغافل
__________________
(١) الوسائل ٢٨ : ١٢٦ كتاب الحدود والتعزيرات ، الباب ٢٧ من أبواب حدّ الزناح ٣.
(٢) الاسراء : ٣٨.
(٣) الكافي ٦ : ٤٣٢ باب الغناء ح ١٠.