أصل ويعتبر في المفتي الّذي يرجع إليه المقلّد مع الاجتهاد أن يكون مؤمنا عدلا *
__________________
فالجحود بالنسبة إلى الشاكّ الوارد في تلك الأخبار وغيرها إمّا أن يراد به إظهار عدم الثبوت وإنكار التديّن لأجل عدم الثبوت ، أو يراد به الإنكار الصوري أعني ما هو بصورة الجزم.
وأيّا مّا كان فهو خلاف ظاهر إطلاق الجحود وهو إنكار ما جزم بثبوته واقعا ، كما في رواية عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « الكفر في كتاب الله عزّ وجلّ على خمسة أوجه ، فمنها كفر الجحود ـ إلى أن قال ـ : فأمّا كفر الجحود فهو الجحود بالربوبيّة ، والجحود على معرفة وهو أن يجحد الجاحد وهو يعلم أنّه حقّ قد استقرّ عنده ، وقد قال الله تعالى ( وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ).
الأمر الثالث : أنّ مسألة جواز التقليد في اصول الدين وعدمه أو كفاية الظنّ وعدمه لكونها نظريّة مبتنية على الأدلّة النظريّة الشرعيّة من الآيات والروايات وغيرها ، فالنظر فيها لإثبات الحكم لا يتمّ إلاّ إذا كان الناظر فيها من أهل النظر والاجتهاد ، بل لا يتأتّى إلاّ من المجتهد الّذي له قوّة استنباط المطالب من الأدلّة الشرعية النظريّة لقصور نظر العوامّ عن ذلك ، فلا بدّ وأن يكون الناظر فيها خصوصا من غير جهة العقل المستقلّ بوجوب دفع الضرر أو شكر المنعم المجتهدين في الفروع لا غير ، وفائدته حينئذ إمّا معرفة نفس الأمر أو تنبيه الغافل وإرشاد الجاهل من العوامّ الّذين يغلب عليهم سلوك طريق التقليد أو بناء عقائدهم على الظنون ، فإذا التفتوا وتردّدوا في المسألة ولم يتمكّنوا من الاستقلال بإثبات المطلب بطريق النظر ولو من جهة العقل فلا مناص لهم من الرجوع إلى المجتهد الجامع لشرائط الإفتاء والأخذ بقوله ولو تقليدا.
* اعلم أنّ المجتهد يتضمّن حيثيّتين : حيث كونه مستنبطا للأحكام الشرعيّة عن الأدلّة التفصيليّة وحيث كونه مفتيا ، ويعتبر فيه من حيث استنباطه امور يعبّر عنها بشرائط الاجتهاد وقد تقدّم ذكرها في مباحث الاجتهاد ، ومن حيث إفتائه شروط اخر وهي شروط لنفوذ فتواه وصحّة رجوع المقلّد إليه ، ومن حيث الوفاق على شرطيّتها والخلاف فيها على قسمين ، فالكلام في بيانها يقع في مقامين :