كيف يعلمه عالما ، وهو لا يعلم شيئا من علومه؟ لأنّا نعلم أعلم الناس بالتجارة والصناعة في البلد ، وإن نعلم شيئا من التجارة والصناعة وكذلك العلم بالنحو واللّغة وفنون الآداب.
إذا عرفت هذا ، فاعلم أنّ حكم التقليد مع اتّحاد المفتي ظاهر ، وكذا مع التعدّد والاتّفاق في الفتوى ؛ وأمّا مع الاختلاف ، فأن علم استواءهم في المعرفة والعدالة ، تخيّر المستفتى في تقليد أيّهم شاء. وإن كان بعضهم أرجح في العلم والعدالة من بعض ، تعيّن عليه تقليده ، وهو قول الأصحاب الّذين وصل إلينا كلامهم *. وحجّتهم عليه أنّ الثقة بقول الأعلم أقرب وأوكد.
ويحكى عن بعض الناس : القول بالتخيير هنا أيضا. والاعتماد على ما عليه الأصحاب.
ولو ترجّح بعضهم بالعلم بالورع ، قال المحقّق رحمهالله : يقدّم الأعلم ، لأنّ الفتوى تستفاد من العلم لا من الورع ، والقدر الّذي عنده من الورع يحجزه عن الفتوى بما لا يعلم ، فلا اعتبار برجحان ورع الآخر. وهو حسن.
أصل
ذهب العلاّمة في التهذيب : إلى جواز بناء المجتهد في الفتوى بالحكم على الاجتهاد السابق. ومنع من ذلك المحقّق فعدّ في شرائط تسويغ الفتوى أن يكون المفتي بحيث إذا سئل عن لمّيّة الحكم في كلّ واقعة يفتي بها أتى به وبجميع اصوله الّتي يبتني عليها.
وقال في موضع آخر : إذا أفتى المجتهد عن نظر في واقعة ثمّ وقعت بعينها
__________________
* هذا هو عنوان المقام الثاني الّذي يتكلّم فيه عن الشروط الخلافيّة ، فمن جملة ذلك : الأعلميّة.