حسبما أفتى به غير الأعلم على تقدير الرجوع إليه يستلزم دوام اختيار الفعل ودوام اختيار الترك أو الاجتناب وهو لا ينافي الاستحباب وعدم الوجوب والإباحة والكراهة والطهارة حسبما أفتى به الأعلم عملا ، لأنّ دوام اختيار الفعل أو الترك أو الاجتناب لا ينافي عدم وجوب غير الواجب وإباحة المباح وكراهة المكروه وطهارة الطاهر كما هو واضح.
ثمّ بعد البناء على التخيير في هاتين الصورتين فله أن يأخذ بفتاوى الأعلم على وجه الاستناد إليه ، وأن يأخذ بفتاوى غير الأعلم على وجه الاستناد إليه ، وأن يأخذ بالحكم المفتى به من دون استناد إلى الأعلم ولا إلى غير الأعلم ، لأنّ الاستناد إلى المفتي بعد الأخذ بفتواه لا مدخليّة له في صحّة التقليد وجودا وعدما إجماعا ، ويدلّ عليه أيضا فحوى ما دلّ على صحّة أعمال الجاهل عند مطابقتها فتوى المجتهد الّذي يجب عليه الرجوع إليه حين الالتفات والتفطّن ، هذا.
المقام الثاني : فيما لو شكّ في التفاضل إمّا باعتبار الشكّ في الحادث بعد العلم الإجمالي بحدوث الأعلميّة الّتي هي مزيّة في أحد المجتهدين مع الجهل بمحلّها ، أو باعتبار الشكّ في الحدوث ، فهاهنا أيضا مرحلتان :
المرحلة الاولى : فيما علم كون أحد المجتهدين أعلم ولم يعلم أيّهما هو؟ ولا إشكال بل الظاهر أنّه لا خلاف عند القائلين بالمختار في وجوب الفحص لتشخيص الأعلم مقدّمة للرجوع إليه ، وإذا فحص ففحصه إمّا أن لا يؤدّيه إلى العلم ولا الظنّ به ، أو يؤدّيه إلى العلم به ، أو الظنّ به بالعثور على أمارة ظنّية لم يقم دليل على اعتبارها بالخصوص.
ففي الصورة الاولى تخيّر في الرجوع إليهما ، لاستقلال العقل بالحكم بالتخيير هنا كما في صورة التساوي ، حذرا عن التكليف بما لا يطاق والترجيح من غير مرجّح ، ولا يمنعه من الحكم به احتمال مرجعيّة الاحتياط ، لسقوط احتمال وجوب العمل به ابتداء بتعذّره أو تعسّره أو قيام الإجماع عليه ، كيف ولو لا سدّ باب الاحتياط ـ على ما علم من تقرير دليل الانسداد ـ لم ينفتح باب مشروعيّة التقليد للعامي ، كما أنّه لو لا سدّ بابه لم ينفتح باب العمل بالظنّ الاجتهادي للمجتهد ، فبعد سقوط اعتبار الاحتياط لا يبقى عند العقل في محلّ البحث إلاّ احتمالا التعيين أو التخيير ، والأوّل باطل بما عرفت فتعيّن الثاني.
وفي الصورة الثانية يتعيّن الرجوع إلى معلوم الأعلميّة ، ووجهه واضح.
وأمّا الصورة الثالثة فالوجه فيها تعيّن الرجوع إلى مظنون الأعلميّة لعين ما دلّ على