وخصوصا شائع غاية الشيوع حتّى قيل ببلوغه حدّ الحقيقة.
وأمّا « العلم » بمعنى الإدراك الفعلي وإن كان بناء « أفعل » منه بإرادة أكثريّة حصول المبدأ في المفضّل لا يأباه الضابط المذكور ، غير أنّ الأنسب بملاحظة العرف والانفهام العرفي في الوصف بالأعلم أو الأفضل في سائر الصناعات بالقياس إلى ما يعبّر عنه بـ « استادتر » هو اعتبار بنائه من العلم بمعنى الملكة لا غير ، فيراد من الأعلم في موضوع المسألة الأقوى ملكة للاستنباط أو العلم بالأحكام لا غير.
ويشهد له أيضا ظاهر الإطلاق فيه أو في مرادفه الوارد في الأخبار ، ومنه إطلاق « الأفقه » في مقبولة عمر بن حنظة ، وفي قوله عليهالسلام : « أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا » وقوله عليهالسلام : « ربّ حامل فقه إلى آخر هو أفقه منه » لظهوره في إرادة من أجاد في فهم الأخبار والانتقال إلى مقاصدهم من كلامهم واستخراج الأحكام من مداركها بواسطة كمال المعرفة بوجوه الدلالات من الواضحة والخفيّة والمطابقة والالتزام ، والتفرقة بين جميع أنواع الالتزامات واللوازم عرفيّة وعقليّة وشرعيّة وغيرها ، مع أنّ المراد بالأعلميّة ما هو كذلك في خصوص الفقه وهو عبارة عن ملكة العلم للأحكام على ما قرّرناه في تعريفه ، فالأفقه والأعلم في الفقه بمعنى.
وأمّا احتمال كونه تفضيلا ـ بمعنى زيادة الاتّصاف من الشدّة في مقابلة الضعف بالنظر إلى الإدراك الفعلي الملحوظ تارة مع الحكم واخرى بدونه ، مع بلوغه في الأوّل حدّ الجزم وبدونه ، مع بلوغه في الأوّل أيضا مرتبة اليقين وبدونه ، ليكون صاحب الإدراك مع الحكم أو هو مع بلوغه إلى حدّ الجزم أو هو مع بلوغه إلى مرتبة اليقين أعلم ، وصاحب الادراك بدون الحكم أو مع عدم بلوغه إلى حدّ الجزم أو عدم بلوغه إلى مرتبة اليقين غير أعلم ـ فممّا ينبغي القطع بفساده ، لأنّ ذلك ليس من التفاضل بمعنى التفاوت في الشدّة والضعف ، بل هو من الاختلاف الحاصل بتلاحق الفصول المنوّعة على جنس الإدراك ، مع أنّه لا مدخليّة لتأكّد الاعتقاد بالجزم أو الثبات في أقربيّته إلى الواقع في نظر غير المعتقد كالمقلّد ونحوه.
الأمر الثالث
بعدما عرفت أنّ الأعلميّة في عنوان وجوب تقليد الأعلم عبارة عن أقوائيّة ملكة الاستنباط ، فاعلم أنّ لتحقّق قوّة ملكة الاستنباط وازديادها إلى أن تبلغ حدّ الأقوائيّة