توريث العلم لا توريث الولاية ، كما ربّما يرشد إليه رواية أبي البختري عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إنّ العلماء ورثة الأنبياء ، وذلك أنّ الأنبياء لم يورّثوا درهما ولا دينارا ، وإنّما أورثوا أحاديث من أحاديثهم ، فمن أخذ بشيء منها فقد أخذ حظّا وافرا ، فانظر علمكم هذا عمّن تأخذونه ، فإنّ فينا أهل البيت في كلّ خلف عدولا ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين. »
ولو سلّم إرادة توريث الولاية فليس فيه ما يوجب عموم الولاية ، والقدر المتيقّن فيها الولاية على الإفتاء أو ما يعمّه والقضاء ، وعلى كلّ تقدير ففي الأخبار الاخر كفاية في ثبوت عموم الولاية.
ويؤيّده أو يدلّ عليه في الجملة صحيحة محمّد بن إسماعيل بن بزيع في رجل مات من أصحابنا بغير وصيّة فرفع أمره إلى قاضي الكوفة ، فصيّر عبد الحميد القيّم بماله ، وكان الرجل خلّف ورثة صغارا ومتاعا وجواري ، فباع عبد الحميد المتاع ، فلمّا أراد بيع الجواري ضعف قلبه عن بيعهنّ ، ـ إذ لم يكن الميّت صيّر إليه وصيّة وكان قيامه فيها بأمر القاضي ـ لأنّهنّ فروج ، فما ترى في ذلك؟ قال : « إذا كان القيّم مثلك ومثل عبد الحميد فلا بأس » الخبر بناء على كون المراد بالمماثلة المماثلة في الفقاهة الّتي هي أردأ الاحتمالات ، أو في العدالة الّتي هي أخصّ الاحتمالات ، لا في مجرّد التشيّع الّذي هو أعمّ الاحتمالات ، ولا في الوثاقة وملاحظة مصلحة الصغير الّذي هو متوسّط بين سابقيه ، وجه أردئيّة الأوّل قضاؤه بالمفهوم بانتفاء الولاية على مال الصغير عند انتفاء الفقاهة ، وهذا خلاف مقتضى أدلّة ولاية عدول المؤمنين مع فقد الفقيه على ما حقّق في محلّه.
وكيف كان فليس الغرض الأصلي إثبات عموم الولاية بالقياس إلى مواردها ، فإنّ لتحقيق ذلك محلاّ آخر بل إثبات عمومها بالقياس إلى الأفضل والمفضول من الفقهاء.
ولا ريب في ثبوته بالأخبار المذكورة ، لاشتمالها على جملة من صيغ العموم وما بمعناها ، فليتدبّر.
الأمر السابع
في أنّه على القول المختار من وجوب تقليد الأعلم يجوز تقليد غير الأعلم بتقليد الأعلم إذا رجع المقلّد إلى الأعلم فأفتاه بجواز تقليد غير الأعلم بلا إشكال ، خلافا لبعض من توهّم أنّه لا له يجوز الإفتاء بذلك ولا للمقلّد الأخذ بذلك ، لكونه مناقضا لما دعاه من