في تلك المسألة لتقليد آخر يناقض التقليد الأوّل فلا محذور.
ثمّ إنّ ذلك المفضول إذا رجع إليه المقلّد فإن سأله عن حكم تقليد غير الأعلم مع التمكّن من الأعلم ، فإن كان رأيه وجوب تقليد الأعلم يأمره به لكن لا بعنوان الإفتاء ، بل بعنوان الأمر بالمعروف والهداية والإرشاد المعبّر عنه بالدعاء إلى الخير في قوله تعالى : ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ).
وإن كان رأيه جواز تقليد غير الأعلم فقد يفصّل في حكمه بأنّه إن كان ممّن يرى صحّة عبادات الجاهل جاز له الإفتاء بمؤدّى نظره في هذه المسألة من جواز تقليد غير الأعلم ، وإن كان ممّن لا يرى ذلك حرم عليه الإفتاء بما ذكر ، وذلك لأنّه في رجوعه إلى غير الأعلم لم يستند إلى طريق مشروع من اجتهاد أو تقليد. أمّا الأوّل : فواضح.
وأمّا الثاني : فلأنّ مشروعيّة طريق التقليد منوطة بجوازه ، وهو مقصور في المسألة الاصوليّة على تقليد الأعلم وقد فرضنا رجوعه إلى غير الأعلم. وإذا كان رأيه بطلان عبادات الجاهل فإفتاؤه بجواز تقليد غير الأعلم إضلال له وهو قبيح عقلا ومحرّم شرعا.
وعندي هذا التفصيل غير جيّد بل غير صحيح ، لمنع اندراج المقلّد المعتمد في تقليده لغير الأعلم على فتوى غير الأعلم في موضوع الجاهل في العبادات في نظر ذلك المجتهد ، لأنّه عبارة عمّن لا يستند في أعماله إلى طريق مشروع ولذا يعبّر عنه بتارك الطريقين.
وفتوى غير الأعلم طريق مشروع في نظر ذلك المجتهد ، وعدم اعتقاد المقلّد بمشروعيّته لا ينافي مشروعيّته في اعتقاد المجتهد ، فلا يكون إفتاؤه بجواز تقليد غير الأعلم إضلالا له ، فلا جهة هنالك تقتضي منعه من ذلك الإفتاء وتوجب حرمته عليه.
وإن سأله عن حكم مسألة اخرى من الفروع ، فإن احتمل في حقّه استناده إلى أعلم جوّز له تقليد غير الأعلم ، أو عدم تمكّنه من تقليد الأعلم أو تعسّر الرجوع إليه جاز له الإفتاء بحكم المسألة ، وإلاّ فإن قطع بعدم كون غرضه من السؤال تقليده في المسألة بل إنّما يسأله لغرض آخر جاز له ذلك أيضا ، وإلاّ فإن علم أنّ غرضه التقليد لا غير حرم الإفتاء لكونه إضلالا ، وإن احتمل ذلك فالجواز لا يخلو عن وجه إلاّ أنّ الأحوط ترك الإفتاء.
الأمر الثامن
في أنّ العامي لو قلّد المفضول باعتقاد التساوي أو باعتقاد الأفضليّة فظهر فساد اعتقاده بظهور كون المجتهد الّذي لم يقلّده أفضل ، فهل يجب العدول إلى ذلك الأفضل أو لا؟