والمفروض أنّها مخالفة لفتوى المجتهد الأوّل لأنّ الكلام إنّما هو على تقدير اختلافهما في الرأي.
فالأعمال الماضية غير مطابقة للواقع بالمعنى المذكور ، فوجب بطلانها على قاعدة عبادات الجاهل.
وأمّا المسألة الثانية : فينبغي القطع فيها بصحّة الأعمال الماضية الواقعة على طبق فتوى المفضول لاستنادها إلى الطريق المشروع له حال العذر أو العسر ، وأمّا الأعمال الآتية والوقائع المستقبلة ففي وجوب العدول فيها بعد زوال العذر والعسر إلى الأفضل وعدمه بل عدم جوازه وجهان : من أنّ فتوى المفضول ما دام العذر أو العسر بدل اضطراري من فتوى الأفضل كالطهارة الترابيّة بدلا عن الطهارة المائيّة. ومن حكم البدل الاضطراري أنّه إذا زال العذر والعسر سقط اعتبار البدل وتعيّن الأخذ بالمبدل.
ومن أنّ الأفضليّة ـ حيثما وجب الرجوع إلى الأفضل ـ إنّما تعتبر لكونها مرجّحة لمدرك الحكم عند التحيّر لا لأنّها مؤسّسة لأصل الحكم ، وهي إنّما تؤثّر في الترجيح في ابتداء التقليد حيث لم يكن هناك مانع من الرجوع إلى الأفضل ، وأمّا في مثل ما نحن فيه فلا ، لكونها معارضة بمزيّة اخرى في جانب المفضول وهو سبق تقليده على الوجه المشروع ، فإنّه أيضا مزيّة فيه يحتمل كونها مرجّحة للبقاء على تقليده في نظر الشارع ، فكانا كالأمارتين المتعادلتين مع عدم جريان شيء من قاعدتي الاشتغال والأقربيّة اللّتين هما دليل وجوب الرجوع إلى الأفضل هنا.
أمّا الاولى : فلأنّها إنّما تجري مع وجود القدر المتيقّن ، ولا يكون إلاّ فيما دار الأمر بين التعيين والتخيير كما في ابتداء التقليد ، والأمر فيما نحن فيه دائر بين التعيينين ، بل بين المحذورين : وجوب العدول وحرمته.
وأمّا الثانية : فلأنّ وجوب الأخذ بالأقرب ليس حكما شرعيّا ثابتا بالنصّ ليتمسّك هنا بإطلاق النصّ أو عمومه ، بل هو حكم عقليّ والعقل إنّما يحكم به في ابتداء التقليد.
وأمّا ما نحن فيه فبعد ملاحظة سبق تقليد المفضول واحتمال كونه مزيّة مرجّحة في نظر الشارع فلا يحكم بشيء بل لا يزال متردّدا.
ويمكن ترجيح ثاني الوجهين بالأصل المنحلّ إلى استصحابين وجودي وعدمي ، لفرض