كون الحكم الفعلي المتعلّق بالمقلّد حال العذر ما هو بحسب فتوى المفضول وعدم كون ما هو بحسب فتوى الأفضل حكما فعليّا متعلّقا به ، فيشكّ بعد زوال العذر في زوال تعلّق الأوّل وحدوث تعلّق الثاني فالأصل بقاء الأوّل وعدم حدوث الثاني.
وهذا حسن إن لم يخدشه تبدّل موضوع المستصحب ، بملاحظة أنّ العاجز عن تقليد الأفضل والقادر عليه موضوعان متغايران وقد تبدّل الأوّل بالثاني ومعه لا يمكن الاستصحاب.
ولكن يمكن دفعها بمنع دخول العجز والقدرة في الموضوع ، بل الموضوع هو ذات المقلّد والقدرة على الرجوع إلى الأفضل شرط لتأثير الأفضليّة في منع الرجوع إلى المفضول ، فإذا انتفت القدرة سقطت الأفضليّة عن التأثير في المنع وترتّب عليه جواز الرجوع إلى المفضول ، لصيرورة فتواه حينئذ حكما فعليّا في حقّه من دون أن يؤخذ فيه وصف العجز وعدم القدرة ولا القدرة.
غاية ما هنالك أنّه ينتزع عنه باعتبار العجز تارة والقدرة اخرى مفهوم يعبّر عنه بـ « العاجز » و « القادر » انتزاعا عقليّا ، فتوهّم كون ذلك المفهوم المأخوذ فيه وصف العجز والقدرة باعتبار ذلك الوصف موضوعا.
وأنت خبير بأنّه لا ملازمة كما في « المتغيّر » المنتزع من الماء باعتبار وصف التغيّر الّذي هو علّة النجاسة من دون دخل له في الموضوع ، ولذا لو زال التغيّر بنفسه لم يؤثّر في منع الاستصحاب بتوهّم تبدّل موضوع المستصحب.
وأمّا المسألة الثالثة : فكون الوقائع الماضية محكومة بالصحّة المسقطة للإعادة والقضاء واضح لا حاجة له إلى البيان لوقوعها على طبق الطريق المشروع.
وأمّا الوقائع الآتية فقضيّة الأصل المتقدّم المنحلّ إلى استصحابين وجوب البقاء على تقليده السابق وعدم جواز العدول عنه إلى الأفضل ، مع عدم جريان قاعدة الاشتغال لدوران الأمر بين المحذورين ، وقاعدة الأقربيّة لأنّ الأفضليّة إنّما تؤثّر في أقربيّة الفتوى إلى الواقع إذا تأخّر عنها استنباط الحكم ، ومفروض المسألة تأخّر حصولها عن الاستنباط لكون تقليد المفضول في ابتدائه إنّما حصل حال التساوي.
نعم لو فرض أنّ الأفضل بعد حدوث الأفضليّة فيه جدّد النظر واستنبط ثانيا تمّ كون فتاويه المتجدّدة أقرب إلى الواقع ، غير أنّه مجرّد فرض ولو وقع كان نادرا وبناء المسألة ليس على الفروض النادرة ، مع أنّه قد يؤول أيضا إلى التساوي من حيث القرب والبعد فيما