لو قلّد أفضل المجتهدين ثمّ انعكس الأمر فصار المفضول أفضل ثمّ جدّد النظر.
وقد يستدلّ على وجوب العدول بإطلاق الأخبار الدالّة على وجوب تقليد الأعلم وإطلاق الإجماعات المنقولة عليه.
ويزيّفه : أنّ إطلاق الأخبار مع عدم نهوض دلالاتها على المطلوب حسبما بيّنّاه غير مجد ، وأمّا إطلاق الإجماعات المنقولة ، ففيه أوّلا : عدم العثور على نقل إجماع صريحا في كلامهم.
نعم ربّما يظهر دعواه من بعض العبارات كعبائر المصنّف وغيره ، فأصل هذا الإجماع لا ينهض دليلا على الحكم المخالف للأصل في نحو المسألة فضلا عن إطلاقه.
وثانيا : كونه معارضا بإطلاق الإجماعات المنقولة على عدم جواز العدول عن التقليد.
وتوهّم انصراف إطلاق هذه الإجماعات إلى العدول عن تقليد المساوي إلى مثله ، يدفعه : إمكان مثله في إطلاق الإجماعات على تقليد الأعلم ، لانصرافه إلى ابتداء التقليد وعدم تناوله مثل ما نحن فيه.
ـ تعليقة ـ
إذا قلّد العامي أحد المجتهدين في مسألة أو مسائل فلا يجوز له العدول في المسائل المقلّد فيها إلى تقليد مجتهد آخر ما دام المجتهد الأوّل باقيا على شرائط الإفتاء ، وفاقا لجماعة من أصحابنا. ولعلّهم الأكثر ، بل عن جماعة من أهل الخلاف دعوى الاتّفاق ، فعن المختصر : « لا يرجع عنه بعد تقليده اتفاقا » ، وعن شرحه للعضدي : « إذا عمل بقول المجتهد في حكم مسألة فليس له الرجوع إلى غيره اتّفاقا ».
وعن الإحكام : « إذا تبع بعض المجتهدين في حكم حادثة من الحوادث وعمل بقوله فيها اتّفقوا على أنّه ليس له الرجوع في ذلك الحكم إلى غيره ».
والعلاّمة في النهاية استجود الجواز.
وفي التهذيب استقربه ، وجعله ثاني الشهيدين في محكيّ المقاصد العليّة أصحّ الأقوال.
ويظهر اختياره من المحقّق الثاني في الجعفريّة ، واختاره في المنية إذا تجدّد ظنّه رجحان غير ذلك المجتهد عليه في العلم والورع.
ويظهر منه كون موضوع البحث ومحلّ الخلاف أعمّ من العدول عن المساوي إلى مثله