من تغيير حالة في الموضوع أو تبدّل زمان ، وذلك لأنّ التغيّر ممّا لا مدخليّة له في موضوع الحكم لوضوح أنّ معروض النجاسة هو ذات النجاسة (١) والتغيّر علّة لعروض النجاسة.
ومنشأ الشكّ في بقائها وارتفاعها بعد زوال التغيّر هو الشكّ في كونه علّة مبقية أيضا ، فالحالة الّتي لا يمنع تبدّلها من جريان الاستصحاب هو ما علم عدم مدخليّته في الموضوع سواء علم عدم مدخليّته في الحكم أيضا أو لا ، لا ما يحتمل مدخليّته فيه.
وأمّا ما قيل : من أنّ المانع من جريان الاستصحاب إنّما هو القطع بعدم بقاء الموضوع ، فلا مانع من جريانه عند الشكّ في البقاء لكفاية الاستصحاب في الحكم ببقائه كما عن صاحب الوافية.
ففيه : أنّ العلم ببقائه شرط لجريانه ، والأصل فيه أنّ شرط جريان الاستصحاب هو بقاء الموضوع في الواقع ، ولا يحرز إلاّ بالعلم أو ما يقوم مقامه كالاستصحاب فيما لو شكّ في جواز تقليد مجتهد غائب للشكّ في حياته ، ولا علم فيما نحن فيه ولا يمكن جريان بقائه بالاستصحاب أيضا كما لا يخفى ، واستصحاب الحكم أيضا لا يكفي في الحكم ببقائه ، كيف وأصل جريانه موقوف على إحراز بقائه فلا يعقل إحراز بقائه باستصحاب الحكم.
نعم لو كان المقام ممّا يصدق عرفا بقاؤه مسامحة كان لجريانه وجه ، ولكنّه ليس بثابت.
فتلخّص من جميع ما ذكرناه هنا ـ علاوة على ما حقّقناه في باب الاستصحاب ـ أنّه كلّما استفدنا موضوع المستصحب من دليله وعلمنا عدم بقائه أو اشتبه علينا الموضوع لعدم استفادته من دليله ـ لعدم تعرّضه لبيانه كما لو كان لبّيا كالإجماع ونحوه ـ ولا من خارج امتنع جريان الاستصحاب فيه ، وليس المقام ممّا يحرز بقاء الموضوع بالاستصحاب كما هو واضح.
وإن شئت قلت : إنّ الشكّ هاهنا بعد موت المجتهد ليس في بقاء الموضوع فقط بل راجع إلى موضوعيّة الباقي ، فلا يعقل إحراز موضوعيّته باستصحاب بقاء الموضوع ، ولا باستصحاب الحكم خصوصا على مختارنا من بطلان الاصول المثبتة.
وينبغي ختم المسألة برسم أمرين :
أحدهما : أنّه لا فرق على المختار من عدم جواز تقليد الميّت بين ابتداء التقليد والاستمرار عليه ، فيجب العدول إلى الحيّ لو قلّده في حياته ويحرم البقاء على تقليده بعد الممات
__________________
(١) كذا في الأصل ، ولعلّ الصواب : « أنّ معروض النجاسة هو ذات النجس الخ ».