عليه الإجماع كان بين قدماء أصحابنا المتعرّضين للمسألة مطلقا ، والتفصيل بينهما لم يكن موجودا ثمّة فيكون مصادما للإجماع.
وقد يدفع أيضا على وجه يبطل معه الاستصحاب بأنّ : الابتداء والاستدامة في التقليد مجرّد اصطلاح لا يوجب فرقا في الحكم ولا اختلافا في الموضوع ، إذ التقليد في صورة الاستدامة مرجعه إلى التقليد الابتدائي ، وذلك لأنّ المسألة كوجوب غسل الجمعة مثلا في كلّ آن من آنات الابتلاء بها واقعة مستقلّة يجب فيها التقليد ، وحصول التقليد فيها في الآن السابق لا يسقط التقليد اللازم فيها في الآن الثاني ، فيكون العمل فيها في كلّ آن من آنات الابتلاء بها فعلا ابتداء تقليد ، ومعه لا معنى للاستصحاب المتمسّك به لجواز تقليد الميّت في صورة الاستدامة.
وبهذا التوجيه يظهر أنّ سائر شروط المفتي من حيث إفتائه المعتبرة في جواز تقليده والأخذ والعمل بفتواه معتبرة في كلّ من الابتداء والاستدامة ، فإنّ المسألة إذا كانت في كلّ آن من آنات الابتلاء واقعة مستقلّة يجب تقليد المجتهد الجامع للشرائط فيها من الاجتهاد والإسلام والإيمان والعقل والعدالة والحياة ، فلابدّ وأن تكون الشروط محرزة عند كلّ واقعة لكون العمل عندها ابتداء تقليد.
بل ومع الغضّ عن هذا التوجيه أيضا لابدّ من اعتبار وجود الشروط في الابتداء والاستدامة معا لكونها معتبرة في الأخذ والعمل معا ، كما صرّح به المحقّق الثاني في حاشية الشرائع قائلا : « ومتى عرض الفقيه العدل فسق العياذ بالله أو جنون أو طعن في السنّ كثيرا بحيث اختلّ فهمه امتنع تقليده لوجود المانع ، ولو كان قد قلّده مقلّد قبل ذلك بطل حكم تقليده ، لأنّ العمل بقوله في مستقبل الزمان يقتضي الاستناد إليه حينئذ. وقد خرج عن الأهليّة لذلك ، فكان تقليده باطلا بالنسبة إلى مستقبل الزمان » انتهى.
فما استظهره بعض الفضلاء ـ من جواز التقليد بقاء في الجنون الإطباقي ومطلقا في الأدواري مع استشكاله البقاء في صورة اختلال الفهم ـ غير سديد ، وإن كان البقاء في الأدواري غير بعيد.
وثانيهما : في بيان عدّة فروع ينبغي معرفتها.
الأوّل : أنّ البحث في مسألة العدول عن تقليد الميّت والبقاء عليه جوازا أو وجوبا إنّما هو من وظيفة المجتهد الناظر في المسألة لاستعلام ما هو واقع الأمر فيها ، وأمّا العامي