منهما من وجه دون وجه آخر ترك للدلالة التابعة ، والعمل بأحدهما دون آخر ترك للدلالة الأصليّة ، والأوّل أولى.
واعترضه في النهاية : بأنّ العمل بكلّ منهما من وجه عمل بالدلالة التابعة في كلّ منهما ، والعمل بأحدهما دون آخر عمل بالدلالة الأصليّة والتابعة في أحدهما وإبطال لهما في الآخر.
ولا ريب أنّ العمل بأصل وتابع أولى من العمل بالتابعين وإبطال الأصلين. وردّه في المنية : بأنّ العمل بأصل وتابع إنّما يكون أولى إذا كانا لدليلين كما في النصّ والظاهر ، حيث يطرح ظهور الظاهر بنصوصيّة النصّ ، وأمّا إذا كانا لدليل واحد فلا نسلّم كون العمل بهما أولى من العمل بالتابعين لدليلين.
وأنت خبير بما في الاعتراض وردّه ، لمنع تعدّد الدلالة على تقدير العمل بأحد الدليلين وترك العمل بالآخر بالكلّية.
والتحقيق في الجواب : أنّ العمل بكلّ من الدليلين في وجه دون آخر ترك للعمل بدلالة كلّ منهما وعمل بالاحتمال الغير البالغ حدّ الدلالة المعتبرة ، فهو في الحقيقة ترك للعمل بالدليلين معا ، بخلاف العمل بأحدهما بتمامه وطرح الآخر ، ويظهر وجهه بملاحظة ما مرّ في جواب الوجه السابق.
وقد يقال : إنّه قد يمكن الجمع بين المتبائنين فيما لو اشتمل كلّ منهما على جهة نصوصيّة وجهة ظهور ، بأن يكون نصّا من جهة وظاهر من اخرى ، فيطرح ظاهر كلّ بنصّ الآخر ، وذلك كما في قوله عليهالسلام : « ثمن العذرة سحت » مع قوله عليهالسلام : « لا بأس ببيع العذرة » فإنّ الأوّل نصّ في عذرة غير مأكول اللحم ، وظاهر في عذرة مأكول اللحم والثاني بالعكس ، للقطع في الأوّل بدخول عذرة غير المأكول في المراد على كلا تقديري إرادة عذرة المأكول منه وعدم إرادته ، ومرجعه إلى القطع بعدم إرادة عذرة المأكول منه بدون إرادة عذرة غير المأكول.
وفي الثاني بدخول عذرة المأكول في المراد على كلا تقديري إرادة عذرة غير المأكول منه وعدم إرادته ، ومرجعه إلى القطع بعدم إرادة عذرة غير المأكول بدون إرادة عذرة المأكول.
وقضيّة طرح ظاهر كلّ بنصّ الآخر تخصيص الأوّل بعذرة غير المأكول وتخصيص الثاني بعذرة المأكول.
أقول : وهذا أيضا عند التحقيق وفي النظر الدقيق غير سديد ، لأنّ القطع بدلالة العامّ في