ما احتمل كونه مرجّحا في نظر الشارع لا يحكم بالتخيير فتأتي قاعدة الاشتغال.
نعم إنّما يتّجه التخيير في صورة التكافؤ ، لكن ظاهر كلام الأصحاب يعطي إجماعهم على أنّه لا تخيير في البيّنات هذا يكشف عن عدم بناء حجّيتها على السببيّة ، أو أنّه حكم خاصّ بالموضوعات.
هذا كلّه بحسب الأصل ، وأمّا بحسب الدليل فيختلف الحكم على حسب اختلاف الموارد ، وتحقيقه موكول إلى محلّه وليس من وظيفة الفنّ.
تذنيب
لا يذهب عليك أنّ وجوب الترجيح والأخذ بالمرجّح ، حسبما قرّرناه مشروط بوجود المزيّة لا بالعلم بوجودها عملا بظواهر النصوص مع انضمام أصالة عدم التقييد ، فالترجيح بالقياس إلى وجود المرجّحات واجب مشروط وبالقياس إلى العلم بها واجب مطلق ، كسائر الواجبات المشروطة بوجود شيء الّتي هي مطلقة بالقياس إلى العلم بذلك الشيء ، وكذلك الوجوب التخييري في عنوان « التعادل » المعلّق على فقد المرجّحات ، فإنّه بالنسبة إلى العلم بالفقد مطلق بعد ما كان بالقياس إلى نفس الفقد مشروطا.
وقضيّة ذلك أن يجب الفحص عند البناء على التخيير أو الترجيح لإحراز فقد المرجّحات أو وجود المرجّح ، أو فقد المرجّح الأقوى أو وجوده [ أو ] عن المرجّح أو عن المرجّح الأقوى ، والظاهر أنّه ممّا لا خلاف فيه.
والدليل عليه أوّلا : أنّه لولاه لاختلّ أمر الاستنباط ولزم الهرج والمرج في الاجتهاد ، ولأدّى إلى تخريب الفقه وهدم أساس الشرع ، إذ ربّما يوجب تركه الأخذ بالمرجوح وترك العمل بالراجح ، أو التسوية بين المرجوح والراجح الّذي تعيّن الأخذ به عند الله دون غيره.
وثانيا : أنّ التكليف قبل الفحص مع احتمال وجود المرجّح أو المرجّح الأقوى مردّد بين الوجوب التخييري ووجوب التعيين ، ولا ريب أنّ هذا التكليف المردّد المعلوم بالإجمال يقتضي الامتثال ، وهو موقوف على معرفة موضوعه المردّد بين كلّ واحد على البدل أو أحدهما بعينه ، وهي موقوفة على الفحص فوجب الفحص مقدّمة للامتثال الواجب.
وثالثا : نفس ما دلّ على وجوب الفحص عند العمل بالدليل ، بتقريب : أنّ الفحص الواجب عند العمل عبارة عن الفحص عن المعارض الأقوى ، وينحلّ ذلك إلى الفحص عن