كون الواقعة الّتي تعارض فيها الخبران ممّا يمكن فيه الاحتياط ، وثانيهما : عدم موافقة المتعارضين ولا مخالفتهما الاحتياط ، فالمقبولة منزلة على إحدى صورتي انتفاء الأمرين.
ومن الجهة الرابعة : بالجمع بينهما بحمل المرفوعة على حال انسداد باب العلم وصورة عدم التمكّن من السؤال بخلاف المقبولة الآمرة بالوقف والسؤال المخصوصة بحال التمكّن من العلم والسؤال ، ومرجع هذا الجمع أيضا إلى حمل المطلق على المقيّد كما هو واضح.
الموضع الثاني : الّذي هو أيضا من جهات الإشكال بين الأخبار العلاجيّة الاختلاف الموجود فيها من حيث الإطلاق والتقييد في الأمر بالترجيح أو بالتوقّف ، فإنّك إذا لاحظت مجموعها لوجدت بعضها ما هو في الأمر بالترجيح مقيّد بحالة التمكّن من العلم والسؤال كالمقبولة ، وبعضها ما هو مطلق في الأمر بالترجيح كالمرفوعة وغيرها.
وبعضها ما هو مقيّد فيه أيضا بحالة انسداد باب العلم وعدم التمكّن من السؤال كرواية سماعة بن مهران قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : يرد علينا حديثان واحد يأمرنا بالأخذ به والآخر ينهانا ، قال : « لا تعمل بواحد منهما حتّى تلقى صاحبك فتسأل ، قلت : لابدّ أن يعمل بواحد منهما ، قال : خذ بما فيه خلاف العامّة » فإنّ ترخيص العمل بما يخالف العامّة مقيّد بعدم المناص عن العمل بأحدهما ، وهذا لا يتحقّق إلاّ مع عدم تمكّن السؤال حال الابتلاء بالواقعة.
وبعضها ما هو مقيّد في الأمر بالتوقّف بفقد المرجّحات كالمقبولة ، وبعضها ما هو مطلق فيه.
ولكنّ الأمر في الذبّ عن هذا الإشكال أيضا هيّن ، لأنّه يقيّد مطلق الأمر بالتوقّف بما إذا لم يمكن هناك مرجّح أصلا أخذا بموجب الأخبار الآمرة بالترجيح ، ويطرح المقيّد منها بحالة عدم التمكّن أخذا بموجب المقيّد منها بحالة التمكّن الّذي لا ينافي مطلقاتها.
فإن قلت : العكس أيضا ممكن.
قلت : الأوّل راجح بل متعيّن ، لعدم صلاحية المقيّد بعدم التمكّن لمعارضة غيره ، لمكان كثرة الأخبار الآمرة بالترجيح مطلقة ومقيّدة وقوّتها في حدّ ذاتها واعتضادها بالعمل والاعتبار ومرجّحات اخر بخلاف العكس.
الموضع الثالث : ما ينشأ ممّا دلّ على قصر حكم الترجيح على المرجّحات المحرزة للدلالة من دون تعرّض لبيان الترجيح بمرجّحات اخر ممّا يرجع إلى السند أو المتن أو المضمون ، كخبر أبي حيّون عن الرضا عليهالسلام : « أنّ في أخبارنا محكما كمحكم القرآن ، ومتشابها كمتشابه القرآن ، فردّوا متشابهها إلى محكمها ، ولا تتّبعوا متشابهها دون محكمها فتضلّوا ».