لم يعتبرها ولم يمنع منها بالخصوص كالشهرة والاستقراء والأولويّة الظنّية ، وإطلاق المرجّح على القسم الأوّل مسامحة إذ يعتبر فيه عدم بلوغه حدّ الحجّية.
وعلى القسم الثاني مبنيّ على جواز الترجيح به كما نقله المحقّق في المعارج عن بعضهم على ما حكي ، والأقوى خلافه لعموم النهي عن العمل به وكونه ممّا محق به الدين.
وبالجملة مقتضى منع الشارع كون الاستناد إليه مبغوضا سواء قصد به أخذه مدركا للحكم أو مرجّحا لمدرك الحكم.
وأمّا القسم الأخير فهو المقصود بالبحث هنا من حيث جواز الترجيح بالمرجّحات الخارجيّة وعدمه.
والمراد بالشهرة هنا هي الشهرة في الفتوى ، بأن أفتى المعظم بما وافق أحد المتعارضين من دون أن يعلم استنادهم فيها إليه ، سواء علم عدم استنادهم أو لم يعلم عدم استنادهم أيضا ، وهذه غير الشهرة في الرواية الّتي هي من المرجّحات الداخليّة ، وغير الشهرة الجابرة على ما هو المشهور من جبر ضعف الرواية بها ، فإنّها إنّما تتحقّق فيما كان استناد معظم الأصحاب في الفتوى إلى رواية ضعيفة فتكشف عن قوّة في نفس تلك الرواية وأمارة اعتبار ظفروا بها وأخذوا بموجبها.
ثمّ المرجّحات الداخليّة على أنواع :
منها : ما يرجّح به صدور الخبر على معنى أنّه يوجب كون احتمال الصدور فيه أقوى منه في معارضه ، وبعبارة اخرى كونه أقرب إلى الصدق وأبعد عن الكذب كالأعدليّة والأصدقيّة وغيرها من صفات الراوي ، وكذلك المرجّحات المتنيّة كالأفصحيّة والأصدقيّة وغيرها من صفات الراوي ومنه الشهرة في الراوية ، فإنّ الخبر المشهور بسببها أقرب إلى الصدق وأبعد عن الكذب ، كما ينّبه عليه التعليل بكون المجمع عليه لا ريب ، فإنّ الريب المحتمل في الخبر الشاذّ الّذي لا يحتمل في المشهور ليس إلاّ احتمال الكذب ، وجعلها من مرجّحات المضمون كما في كلام بعض مشايخنا ممّا لا نعرف وجهه.
ومنها : ما يرجّح وجه صدور الخبر ، ويوجب في أحد الخبرين احتمال الصدور على جهة بيان الواقع أقوى منه في الآخر ، ككون أحد الخبرين مخالفا لمذهب العامّة أو لعمل سلطان الجور أو قاضي الجور ، بناء على كون الخبر الموافق لأحد هذه صادرا على وجه التقيّة.
ومنها : ما يرجّح به دلالة الخبر ، ويوجب كونه أقرب دلالة من الآخر كالنصوصيّة