ظواهرها الغير الظاهرة لنا ـ ما روي مستفيضا من « عدم جواز ردّ الخبر وإن كان ممّا ينكر ظاهره ، حتّى إذا قال للنهار أنّه ليل ولليل أنّه نهار ، معلّلا بأنّه يمكن أن يكون له محمل لم يتفطّن له السامع فينكره فيكفر من حيث لا يشعر » ، والظاهر أنّ عليه مبنى طريقة الشيخ في التهذيبين من إخراجه الأخبار المتبائنة إلى محامل بعيدة لمجرّد المحافظة عليها عن الردّ والطرح.
ثمّ إنّ التقيّة في الخبر قد يكون لموافقته فتوى العامّة وهو الغالب المصرّح به في كثير من الأخبار ، وقد يكون لموافقته أخبارهم الّتي رووها ، وقد يكون لموافقة عمل عوامهم ، وقد يكون لموافقة عمل سلاطينهم ، وقد يكون لموافقة عمل قضاتهم كما نبّه عليه في المقبولة حيث أمر بالأخذ بما وافق ما هو أميل حكّامهم ، وقد يكون لموافقة قواعد [ هم ] وطرقهم في الاصول والفروع كالقياس والاستحسان وغيره.
تذنيب
قد عرفت سابقا أنّه إذا وقع التعارض بين مرجّح الصدور ومرجّح جهة الصدور فيما إذا ورد خبران أحدهما موافق للعامّة مع كون راويه أعدل والآخر مخالف للعامّة يرجّح مرجّح الصدور فيؤخذ بخبر الأعدل وإن كان موافقا ويطرح خبر العادل وإن كان مخالفا ، وليعلم أنّ الخبر الموافق لاحتماله التقيّة ممّا لم يجز الأخذ به على أنّ مؤدّاه الحكم الواقعي إلاّ بعد نفي الاحتمال المذكور بأصالة عدم التقيّة ، فلابدّ عند الترجيح بمرجّح الصدور من إعمال ذلك الأصل أيضا.
وقد يتوهّم أنّ تقديم خبر الأعدل هنا يحصل بملاحظة الأعدليّة مع انضمام أصالة عدم التقيّة ، فيستشكل بأنّه ينافي عموم ما دلّ على حجّية خبر العدل فإنّه يشمل الخبر المخالف كما يشمل الموافق أيضا.
وقضيّة صدورهما معا مع كون صدور المخالف قرينة على صدور خبر الأعدل على جهة التقيّة ، ومعه لا مجرى لأصالة عدم التقيّة ، لأنّ الأصل لا يعارض الدليل وهو العموم المذكور ، ويلزم منه تقديم مرجّح جهة الصدور على مرجّح الصدور عند التعارض عملا بعموم دليل الحجّية الّذي لا يعارض أصالة عدم التقيّة في جانب مرجّح الصدور ، نظير ما هو الحال في تعارض مرجّح الصدور ومرجّح الدلالة فيما ورد خبران أحدهما أظهر