لا يتناوله أدلّة الحجّية ، فإنّ معنى طرح الخبر الضعيف حسبما تداوله العلماء ليس هو تكذيب الراوي والحكم عليه بكونه كاذبا ، لأنّ ما أوجب الضعف فيه إنّما هو فسق الراوي وهو لا يصلح أمارة على الكذب لأنّه أعمّ.
غاية الأمر أنّه خال عن أمارة الصدق وهو العدالة ، فمعنى عدم حجّيته عدم جواز تصديقه بترتيب آثار الصدق عليه والأخذ بمضمونه ، وعليه فالخبر الموافق الّذي راويه أعدل إذا اريد حمله على التقيّة لا يترتّب عليه فائدة الحجّية فلا يتناوله أدلّتها ، وعلى تقدير تناولها له كان حمله على التقيّة طرحا له وأخذا بما يقابله من الخبر المخالف.
فدار الأمر بين طرح الخبر الموافق بحمله على التقيّة تقديما لمرجّح جهة الصدور وطرح الخبر المخالف بالحكم عليه بعدم الصدور رأسا تقديما لمرجّح الصدور وهو الأعدليّة ، ولا مزيّة للأوّل على الثاني ، بل المزيّة إنّما هي في جانب الثاني من جهة أصالة عدم التقيّة المعتضدة بظاهر الروايات القاضية بتقديم مرجّحات الصدور على مرجّحات جهة الصدور.
ولا يقاس هذا الأصل بأصالة الحقيقة الغير الصالحة لترجيح مرجّح الصدور على مرجّح الدلالة من النصوصيّة والأظهريّة ليلزم منه طرح النصّ أو الأظهر المنافي لأدلّة الحجّية ، فإنّ غاية ما يلزم من طرح أصالة الحقيقة في جانب الظاهر بعد الحكم بصدوره مع النصّ والأظهر إنّما هو التأويل فيه بحمله على معنى مجازي له يساعد عليه القرينة وهو نصوصيّة النصّ وأظهريّة الأظهر ، ولا ريب أنّ المعنى المجازي مع مساعدة القرينة عليه مدلول الدليل ومقتضاه ، والعمل بالدليل بالمعنى المتقدّم أعمّ من الأخذ بمدلوله الحقيقي والأخذ بمدلوله المجازي ، فلا طرح هنا أصلا بخلاف طرح أصالة عدم التقيّة ، فالفرق بينهما واضح.
المقام الثاني
فيما يتعلّق بتعارض مرجّح جهة الصدور لمرجّح الدلالة وتعارض مرجّح الصدور لمرجّح الدلالة ، وحيث إنّ جهة البحث فيهما واحدة جمعناهما في باب واحد.
واعلم أنّ مرجّح الدلالة عبارة عن كلّ مزيّة أوجبت كون دلالة أحد الخبرين أقوى ـ من جهة النصوصيّة أو الأظهريّة ـ من دلالة الخبر الآخر.
وقد أشرنا مرارا إلى أنّ مرجّحات الدلالة مقدّمة على سائر المرجّحات ، سواء كانت راجعة إلى الصدور أو جهة الصدور ، فالخبر الأقوى دلالة مقدّم على الأضعف دلالة ولو