بكلّ ما احتمل وجوبه في الشريعة على الاستقلال ، وكلّ ما احتمل اعتباره جزءا أم شرطا في العبادة الواجبة ، أو المحتمل وجوبها ظنّا أو شكّا أو وهما ، مضافا إلى الاحتياط بالترك في محتملات الحرمة بالظنّ أو الشكّ أو الوهم ، والمفروض أنّه على تقدير لزومه لا يختصّ بالعالم الواقف على موارد الاحتياط أو المتمكّن من العلم بها ، بل يعمّه والعوامّ المقلّدين له الغير المتمكّنين من الاطّلاع بتلك الموارد إلاّ من جهة التعليم ، فالتعرّض للتعليم والتعلّم لأصل الاحتياط وكيفيّته وموارده الشخصيّة الغير المحصورة ، وموارد تعارضه بمثله ، وعلاج التعارض بترجيح الاحتياط الناشئ عن الاحتمال القويّ أو الأقوى على ما نشأ من الاحتمال الضعيف أو غير الأقوى ، يستغرق جميع وقتهم ليلا ونهارا فضلا عن التعرّض له في مقام العمل ، خصوصا بالنسبة إلى ما يتوقّف منه على التكرار اللازم لمراعاة تطبيقه على جميع الأقوال الموجودة في جميع المسائل الخلافيّة الغير المحصورة والاختلافات المتداخلة البالغة فوق حدّ الكثرة.
فلزوم العسر المخلّ بنظام أمر الناس تارة من جهة التعرّض للتعليم والتعلّم ، واخرى من جهة التعرّض للعمل به وتطبيق الفعل البارز في الخارج عليه ، ولنقدّم مثالا لكلّ من الجهتين.
فمن أمثلة الجهة الاولى : ما فرضه بعض مشايخنا من أنّ الاحتياط في مسألة التطهير بالماء المستعمل في رفع الحدث الأكبر ترك التطهّر به ، لكن قد يعارض في الموارد الشخصيّة احتياطات اخر بعضها أقوى منه وبعضها أضعف وبعضها مساو له ، فإنّه قد يوجد ماء آخر للطهارة ، وقد لا يوجد معه إلاّ التراب ، وقد لا يوجد من مطلق الطهور غيره.
فإنّ الاحتياط في الأوّل هو الطهارة من ماء آخر لو لم يزاحمه الاحتياط من جهة اخرى ، كما إذا كان قد أصابه ما لم ينعقد الإجماع على طهارته.
وفي الثاني هو الجمع بين الطهارة المائيّة والترابيّة إن لم يزاحمه ضيق الوقت المجمع عليه.
وفي الثالث الطهارة من ذلك المستعمل والصلاة معها إن لم يزاحمه أمر آخر واجب أو محتمل الوجوب ، فكيف يسوغ للمجتهد أن يلقي إلى مقلّده أنّ الاحتياط في ترك الطهارة بالماء المستعمل مع كون الاحتياط في كثير من الموارد استعماله فقط أو الجمع بينه وبين غيره.
وبالجملة فتعليم موارد الاحتياط الشخصيّة وتعلّمها فضلا عن العمل بها أمر يكاد يلحق بالمتعذّر ، ويظهر ذلك بالتأمّل في الوقائع الاتّفاقيّة.