د ـ اليهود في الكوفة : لقد تواجد اليهود في الكوفة منذ زمن بعيد ، يرجع إلى ٥٩٧ قبل الميلاد ، منذ أن سباهم الملك الكلداني نبوخذ نصّر ، وحافظوا على وجودهم في المنطقة على مرّ العصور ، كما انظمّ إلى يهود العراق يهود المدينة حين تمّ جلاؤهم منها ، فاستوطنوا الكوفة منذ عام ٢٠ للهجرة.
وقد سيطر اليهود في الكوفة على التجارة والصياغة ، ولهم معابد ومزارات لا تزال موجودة إلى اليوم ، ومن كان من أهل الكوفة يعرف ذلك جيّداً ، فنسأل هل اليهود أيضاً من شيعة علي عليهالسلام؟!
هـ ـ المسلمون ومشاربهم السياسية في الكوفة : وأخيراً ننهي الجواب بالتعرّف إلى أمر مهمّ ، وهو أنّ المسلمين الذين استوطنوا الكوفة أنفسهم لم يكن لهم رأي واحد ، أو مشرب سياسي واجتماعي واحد ، فقد كان كثير منهم ، بل الأغلبية الغالبة ، كانوا يرون أفضلية أبي بكر وعمر وعثمان على علي بن أبي طالب عليهالسلام ، وهذا واضح لمن له أدنى تأمّل.
ويكفينا هنا شاهد واحد من أدلّة وشواهد لا تحصى ، لكنّ المقام مقام اختصار ، فقد قال ابن أبي الحديد المعتزلي : « وقد روي أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام لمّا اجتمعوا إليه بالكوفة ، فسألوه أن ينصب لهم إماماً يصلّي بهم نافلة شهر رمضان ـ وهي صلاة التراويح عند أهل السنّة ، وهي بدعة عندنا ، بل أنّ عمر نفسه سمّاها بدعة ، واستحسنها قائلاً : نعمت البدعة هذه ـ فزجرهم ـ أي أمير المؤمنين ـ وعرّفهم أنّ ذلك خلاف السنّة ، فتركوه واجتمعوا لأنفسهم ، وقدّموا بعضهم ـ أي أنّهم عصوا أميرهم وسيّدهم ـ فبعث إليهم ابنه الحسن عليهالسلام ، فدخل عليهم المسجد ومعه الدرّة ، فلمّا رأوه تبادروا الأبواب وصاحوا : وا عمراه » (١).
وأوّل من صاح بها قاضي الكوفة شريح ، كما نقل ذلك التستري (٢) ، فهل هؤلاء شيعة علي عليهالسلام؟!
__________________
١ ـ نزهة المشتاق في تاريخ يهود العراق ليوسف رزق الله : ١٠٣.
٢ ـ شرح نهج البلاغة ١٢ / ٢٨٣.