وورد في نهج البلاغة : « أخرجهم من ضرائح القبور ، وأوكار الطيور ، وأوجرة السباع ، ومطارح المهالك ، سراعاً إلى أمره ، مهطعين إلى معاده » (١) ، « وأخرج من فيها فجدّدهم بعد أخلاقهم ، وجمعهم بعد تفريقهم » (٢) ، « وأعلموا أنّه ليس لهذا الجلد الرقيق صبر على النار ، فارحموا نفوسكم » (٣) ، فنرى في جميع الفقرات الإشارة إلى الجسد الدنيوي في الإعادة ، فلا محيص من الإذعان بهذا الرأي وقبوله.
( السيّد محمّد السيّد حسن ـ البحرين .... )
س : الرجاء الردّ على شبهة الآكل والمأكول بشكل مفصّل.
ج : إنّ هذه الشبهة من أقدم الشبهات التي وردت في الكتب الكلامية حول المعاد الجسماني ، وقد اعتنى بدفعها المتكلّمون والفلاسفة على اختلاف تعابيرهم ، والإشكال يقرّر بصورتين :
الصورة الأُولى : إذا أكل إنسان إنساناً بحيث عاد بدن الثاني جزءً من بدن الإنسان الأوّل ، فالأجزاء التي كانت للمأكول ثمّ صارت للآكل ، إمّا أن تعاد في كُلّ واحد منهما ، أو تعاد في أحدهما ، أو لا تعاد أصلاً؟ والأوّل محال ، لاستحالة أن يكون جزءً واحداً بعينه في آن واحد في شخصين متباينين.
والثاني خلاف المفروض ، لأنّ لازمه أن لا يعاد الآخر بعينه.
والثالث أسوأ حالاً من الثاني ، إذ يلزم أن لا يكون أي من الإنسانين معاداً بعينه ، فينتج أنّه لا يمكن إعادة جميع الأبدان بأعيانها.
الصورة الثانية : لو أكل إنسان كافر إنساناً مؤمناً ، وقلنا بأنّ المراد من المَعاد هو : حشر الأبدان الدنيوية في الآخرة ، فيلزم تعذيب المؤمن ، لأنّ المفروض
__________________
١ ـ شرح نهج البلاغة ٦ / ٢٤٩.
٢ ـ المصدر السابق ٧ / ٢٠١.
٣ ـ المصدر السابق ١٠ / ١٢٢.