إحراز ذلك ، والذي نعتقده أنّه كان يعمل على طبق ما أراد الله سبحانه منه ، وأفضلية شريعته يرجّح احتمال كونه يعمل بهذه الشريعة الغرّاء ، ولا ينافي ذلك تأخّر نزول القرآن ، فإنّ الأحكام الشرعية ليست كُلّها موضّحة في القرآن دائماً ، عرفها النبيّ الأعظم بطريق الوحي والإلهام ، ولم ينقطع الاتصال بينه وبين الله سبحانه طرفة عين في حياته.
( أحمد ـ السعودية ـ ٢٢ سنة ـ طالب جامعة )
س : يقال أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله في فتح مكّة أمر المسلمين بقتل المشركين ، حتّى ولو تعلّقوا بأستار الكعبة ، ومن ثمّ عفا عنهم عندما دخل مكّة ، فلماذا غيّر النبيّ صلىاللهعليهوآله رأيه؟ ألا يعد رأيه الأوّلي انتهاك لحرمات الكعبة؟
ج : لقد آمن رسول الله صلىاللهعليهوآله من تعلّق بأستار الكعبة ، واستثنى من ذلك نفر قليل هدر دمهم ، وهم : مقيس بن سبابة ، وابن أخطل ، وابن أبي سرح ، وقينتان وغيرهم ، وهؤلاء لم يعف عنهم النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وقد أجارت أُمّ هاني ـ أُخت الإمام علي عليهالسلام ـ اثنين منهم ، فآجرهم النبيّ لإجارتها لهم ، ولمكانتها من علي عليهالسلام.
وكذلك استأمن لامرأتين فأمنهما الرسول صلىاللهعليهوآله ، واستأمن عثمان لأبي سرح فأمنه النبيّ صلىاللهعليهوآله ، والنبيّ لم يغيّر رأيه فيهم ، لأنّهم كانوا ممّن يستحقّون القتل ، ولا يستحقّون العفو ، ولا يمكن التغاضي عن الأفعال الشنيعة التي كانوا يعملونها ، حتّى أنّه عاتب المسلمين من عدم قتلهم لأبي سرح ، لما جاء به عثمان ، وتأخّر النبيّ صلىاللهعليهوآله عن قبول الأمان له ، وعندما لم يبادر إلى قتله أحد آمنه الرسول صلىاللهعليهوآله ، فإنّ من خُلقه أن لا يردّ طلب طالب ، ويقبل إجارة المستجير.