( فادي نجدي ـ لبنان ـ ٢٧ سنة )
س : بالنسبة إلى موضوع ترتيب الآيات في القرآن أرى يستحقّ النظر : إنّ الترتيب الزمني يستوجب أنّ آية البلاغ تأتي بعد آية الإكمال ، بالرغم أنّهما في القرآن موجودتان في سورة واحدة بالترتيب المعكوس.
وقد ألزمتم أنفسكم بأنّ الترتيب للسور والآيات كان منذ عهد الرسول صلىاللهعليهوآله ، فكيف تردّون على هذه الشبهة التي تجعل من دلالة الآيات منافية لما ندّعيه من نزولها في شأن ولاية علي عليهالسلام؟
ج : لا يخفى أنّ القرآن الكريم رتّبت آياته من قبل رسول الله صلىاللهعليهوآله بأمر الوحي عن الله تعالى ، ولا علاقة لذلك بترتيب السابق واللاحق في النزول ، وهذا ما يسمّى بالنظم ، أي : نظم آيات السورة بحسب أغراض ومصالح معيّنة ، تظهر أسبابها عندنا ، وقد تخفى أسباب بعضها كذلك.
واعلم إنّ آية ( بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ... ) (١) إذا أخذنا ترتيب الآيات ـ وهو ما نسمّيه بسياق الآيات ـ بنظر الاعتبار ، فإنّ سياق الآيات لا تساعد على قولنا أنّها نزلت في الإمام علي عليهالسلام ، بل إنّ الآيات التي قبلها والتي بعدها تتحدّث عن أهل الكتاب ، فالآية التي قبلها هي قوله تعالى : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ ... ) (٢) ، والآية التي بعدها هي قوله تعالى : ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ ... ) (٣) ، مع أنّ اليهود والنصارى في ذلك العهد النبوي لم يكن لهم شأنٌ وخطر ، فهم ليس بأهل قوّةٍ ولا شوكةٍ ، ولا سطوة حتّى يخشى رسول الله صلىاللهعليهوآله منهم إنّ هو بلّغ الإسلام.
__________________
١ ـ المائدة : ٦٧.
٢ ـ المائدة : ٦٦.
٣ ـ المائدة : ٦٨.