بالواجب وترك المحرّم له طريقان : أمّا أنّه يعرف الواجب فيأتي به ، والمحرّم فيتركه ، وأمّا أنّه غير عالم بهما ، فيجب الرجوع إلى العالم بهما ، وهو المتخصّص في عمله لإبراء ذمّته أمام مولاه ، وهذا هو معنى التقليد الذي هو الاعتماد على المتخصّصين والرجوع إليهم.
ومن هنا يظهر : أنّ التقليد من الأُمور الارتكازية ، حيث رجوع كُلّ ذي صنعة إلى أصحاب الصنائع ، وكُلّ من لا يعرف أحكام الدين يعتمد في معرفته على المجتهد المتخصّص ، فيضع عمله كالقلادة في رقبة المجتهد الذي يقلّده ، وهذا غير محدّد بزمان ، بل هو جار في كُلّ الأزمنة.
والتقليد من فطريات العقول والشارع ، قد أمضاه بعدم الردع عنه ، فرجوع الجاهل إلى العالم في زمان الأئمّة عليهمالسلام ، كان رجوعاً إلى من علم الأحكام بالعلم الوجداني ، الحاصل من مشافهة الأئمّة عليهمالسلام ، وأمّا في زماننا ، فهو رجوع إلى من عرف الأحكام بالظنّ الاجتهادي والإمارات.
ويكون عمله تنزيلياً تعبّدياً لا وجدانياً ، فهو الطريق الأكثر عملية لُجلّ الناس ، لاعتيادهم في كُلّ مجال على الرجوع إلى ذوي الاختصاص والخبرة ، وهو واجب كُلّ مكلّف لا يتمكّن من الاجتهاد أو الاحتياط.
( أحمد ـ الكويت ـ ٢٠ سنة ـ طالب )
س : تقبّل الله أعمالكم ، ووفّقكم الله لمرضاته ، في الحقيقة عندي استفسار بخصوص العقل ، ما هو دوره في الأُصول العقائدية؟ هل القرآن والسنّة مقدّمتان على العقل أم هو العكس؟
ج : لا نتمكّن أن نجيب بضرس قاطع بتقديم النصّ على العقل ، أو بتقديم العقل على النصّ ، بل لابدّ من التفصيل ، فتارة يكون حكم العقل قطعياً وبدرجة كاملة من الوضوح ، وفي مثله يقدَّم العقل ، ويكون كقرينة على