ومن هنا جاء الجواب عن الإمام الهادي عليهالسلام كما في الكافي : « عن موسى ابن محمّد بن أخي أبي الحسن الثالث عليهالسلام أنّ يحيى بن أكثم سأله في المسائل التي سأله عنها قال : وأخبرني عن الخنثى وقول أمير المؤمنين عليهالسلام فيه يورث الخنثى من المبال من ينظر إليه إذا بال ، وشهادة الجار إلى نفسه لا تقبل؟
مع أنّه عسى أن تكون امرأة ، وقد نظر إليها الرجال ، أو عسى أن يكون رجلاً ، وقد نظر إليه النساء ، وهذا ممّا لا يحل؟ فأجابه أبو الحسن الثالث عليهالسلام عنها : « أمّا قول علي عليهالسلام في الخنثى أنّه يورث من المبال ، فهو كما قال ، وينظر قوم عدول يأخذ كُلّ واحد منهم مرآة ، ويقوم الخنثى خلفهم عريانة ، فينظرون في المرآة ، فيرون شبحاً فيحكمون عليه » (١).
نقول : فهل رأيت مثل هذا التطبيق الحكيم لهذا الحكم الشرعي؟ الذي احتوى على جملة من القيود التي تبعد الإنسان عن الفتنة ، وتوصل إلى الغاية المرجوة ، وذلك حين اشترط أن يكون المحتكم إليهم من القوم العدول ـ أي من أهل الدين والصلاح ـ وإن يكونوا جماعة لا فرادى ـ ليكون التركيز على غاية الموضوع هدفاً أساسياً عند كُلّ واحد منهم ، ولدحض عامل الفتنة فيما لو توقّع سريانه إلى النفوس ـ وأيضاً أن تكون النظرة بالواسطة لا بالمباشرة.
فهل ترى بعد هذا التطبيق الحكيم لهذا الحكم الشرعي أيّة موضوعية لكلام المتحذلقين ، بأنّ الشيعة يجوّزون النظر إلى المحرم من خلال المرآة ، مع أنّهم قد غضّوا الطرف عن أصل الحكم الشرعي وآلية تطبيقه وشروطه وظرفه.
وقد ذكر علماء أهل السنّة أصل الحكم ولم يذكروا آلية لتطبيقه ، مع أنّ الحكم الشرعي لا تكون فاعلية له ما لم تشرّع له آلية للتطبيق في أرض الواقع ، كما هو المعلوم من علّة تشريع الأحكام!!
__________________
١ ـ الكافي ٧ / ١٥٨.