لا ذَنْبَ لِي ، كَفَفْتَ (١) عَنْ خَطِيئَتِي وَزَكَّيْتَنِي بِما لَيْسَ فِيَّ ، أَنَا الْمُقِرُّ عَلى نَفْسِي بِما جَنَتْ عَلَيَّ يَدايَ ، وَمَشَتْ إِلَيْهِ رِجْلايَ ، وَباشَرَ جَسَدِي وَنَظَرَتْ إِلَيْهِ عَيْنايَ وَسَمِعَتْهُ أُذُنايَ ، وَعَمِلَتْهُ جَوارِحِي ، وَنَطَقَ بِهِ لِسانِي ، وَعَقَدَ عَلَيْهِ قَلْبِي.
فَأَنَا الْمُسْتَوْجِبُ يا إِلهِي زَوالَ نِعْمَتِكَ ، وَمُفاجاةَ نِقْمَتِكَ وَتَحْلِيلَ عُقُوبَتِكَ ، لِمَا اجْتَرَأْتُ عَلَيْهِ مِنْ مَعاصِيكَ ، وَضَيَّعْتَ مِنْ حُقُوقِكَ ، أَنَا صاحِبُ الذُّنُوبِ الْكَبِيرَةِ (٢) الَّتِي لا تُحْصى عَدَدُها ، وَصاحِبُ الْجُرْمِ الْعَظِيمِ ، أَنَا الَّذِي أَحْلَلْتُ الْعُقُوبَةَ بِنَفْسِي وَأَوْبَقْتُها (٣) بِالْمَعاصِي جُهْدِي وَطاقَتِي وَعَرَّضْتُها لِلْمَهالِكَ بِكُلِّ قُوَّتِي.
إِلهِي (٤) أَنَا الَّذِي لَمْ أَشْكُرْ نِعَمَكَ عِنْدَ مَعاصِيِّ إِيَّاكَ وَلَمْ أَدَعْها عِنْدَ حُلُولِ الْبَلِيَّةِ وَلَمْ أَقِفْ عِنْدَ الْهَوى وَلَمْ اراقِبْكَ ، يا إِلهِي أَنَا الَّذِي لَمْ أَعْقِلْ عِنْدَ الذُّنُوبِ نَهْيَكَ ، وَلَمْ اراقِبْ عِنْدَ اللَّذَّاتِ زَجْرَكَ (٥) ، وَلَمْ أَقْبَلْ عِنْدَ الشَّهْوَةِ نَصِيحَتَكَ ، وَرَكِبْتُ الْجَهْلَ بَعْدَ الْحِلْمِ ، وَغَدَوْتُ (٦) إِلَى الظُّلْمِ بَعْدَ الْعِلْمِ.
اللهُمَّ فَكَما حَلُمْتَ عَنِّي فِيمَا اجْتَرَأْتُ عَلَيْهِ مِنْ مَعاصِيكَ ، وَعَرَفْتَ تَضْييعِي حَقَّكَ ، وَضَعْفِي عَنْ شُكْرِ نِعْمَتِكَ ، وَرُكُوبِي مَعْصِيَتَكَ ، اللهُمَّ إِنِّي لَسْتُ ذا عُذْرٍ فَأَعْتَذِرُ وَلا ذا حِيلَةٍ فَأَنْتَصِرُ.
اللهُمَّ قَدْ أَسَأْتُ وَظَلَمْتُ ، وَبِئْسَ ما صَنَعْتُ ، عَمِلْتُ سُوءً لَمْ تَضُرُّكَ ذُنُوبِي ، فَأَسْتَغْفِرُكَ يا سَيِّدِي وَمَوْلايَ ، سُبْحانَكَ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ.
اللهُمَّ إِنَّكَ تَجِدُ مَنْ تُعَذِّبُهُ غَيْرِي وَلا أَجِدُ مَنْ يَرْحَمُنِي سِواكَ ، اللهُمَّ فَلَوْ
__________________
(١) كففت : انصرفت.
(٢) الكثيرة ( خ ل ).
(٣) أوبقتها : أهلكتها.
(٤) اللهم ( خ ل ).
(٥) زجرك : منعك.
(٦) غدوت : ذهبت وانطلقت.