وَعْدِكَ ، وَلا مَتْرَكَ لَهُ مِنْ عَظِيمِ أَجْرِكَ ، قَدْ أَبْرَزَتْ ذَوُو الآمالِ إِلَيْكَ وُجُوهَهَا الْمَصُونَةَ ، وَمَدُّوا إِلَيْكَ أَكُفَّهُمْ طَلَباً لِمَا عِنْدَكَ لِيُدْرِكُوا بِذلِكَ رِضْوانَكَ.
يا غَفَّارُ يا مُسْتَراشُ (١) مِنْ نَيْلِهِ ، وَمُسْتَعاشُ مِنْ فَضْلِهِ ، يا مَلِكُ فِي عَظَمَتِهِ ، يا جَبَّارُ فِي قُوَّتِهِ ، يا لَطِيفُ فِي قُدْرَتِهِ ، يا مُتَكَفِّلُ يا رازِقَ النِّعابِ (٢) فِي عُشِّهِ (٣) ، يا أَكْرَمَ مَسْئُولٍ ، وَيا خَيْرَ مَأْمُولٍ ، وَيا أَجْوَدَ مَنْ نَزَلَتْ بِفِنائِهِ الرَّكائِبُ (٤) ، وَطُلِبَ عِنْدَهُ نَيْلُ الرَّغائِبِ (٥) ، وَأَناخَتِ (٦) بِهِ الْوُفُودُ.
يا ذَا الْجُودِ ، يا أَعْظَمَ مِنْ كُلِّ مَقْصُودٍ ، أَنَا عَبْدُكَ الَّذِي أَمَرْتَنِي فَلَمْ أَئْتَمِر ، وَنَهَيْتَنِي عَنْ مَعْصِيَتِكَ. وَزَجَرْتَنِي فَلَمْ أَنْزَجِرْ ، فَخالَفْتُ أَمْرَكَ وَنَهْيَكَ ، لا مُعانِدَةً لَكَ وَلَا اسْتِكْباراً عَلَيْكَ ، بَلْ دَعانِي هَوايَ وَاسْتَزَلَّنِي عَدُوُّكَ وَعَدُوِّي ، فَأَقْدَمْتُ عَلى ما فَعَلْتُ عارِفاً بِوَعِيدِكَ ، راجِياً لِعَفْوِكَ ، واثِقاً بِتَجاوُزِكَ وَصَفْحِكَ.
فَيا أَكْرَمَ مَنْ أُقِرَّ لَهُ بِالذُّنُوبِ ، ها أَنَا ذا بَيْنَ يَدَيْكَ صاغِراً ذَلِيلاً خاضِعاً خاشِعاً خائِفاً ، مُعْتَرِفاً عَظِيمَ ذُنُوبِي وَخَطايايَ ، فَما أَعْظَمَ ذُنُوبِي الَّتِي تَحَمَّلْتُها وَأَوْزارِيَ الَّتِي اجْتَرَمْتُها ، مُسْتَجِيراً فِيها بِصَفْحِكَ ، لائِذاً بِرَحْمَتِكَ ، مُوقِناً أَنَّهُ لا يُجِيرُنِي مِنْكَ مُجِيرٌ وَلا يَمْنَعُنِي مِنْكَ مانِعٌ.
فَعُدْ عَلَيَّ بِما تَعُودُ بِهِ عَلى مَنِ اقْتَرَبَ مِنْ تَغَمُّدِكَ ، وَجُدْ عَلَيَّ بِما تَجُودُ بِهِ عَلى مَنْ أَلْقى بِيَدِهِ إِلَيْكَ مِنْ عِبادِكَ ، وَامْنُنْ عَلَيَّ بِما لا يَتَعاظَمُكَ أَنْ تَمُنَّ بِهِ عَلى مَنْ أَمَّلَكَ لِغُفْرانِكَ لَهُ.
يا كَرِيمُ ، ارْحَمْ صَوْتَ حَزِينٍ يُخْفِي ما سَتَرْتَ عَنْ خَلْقِكَ مِنْ مَساوِيهِ ، يَسْأَلُكَ فِي هذِهِ الْعَشِيَّةِ رَحْمَةً تُنْجِيهِ مِنْ كَرْبِ مَوْقِفِ الْمَسْأَلَةِ وَمَكْرُوهِ يَوْمِ
__________________
(١) راشه ريشه إذا أحسّوا إليه وكل من أوليته خيرا فقد رشته.
(٢) النعاب : فرخ الغراب لكثرة نعبه ، والنعب : الصوت.
(٣) يا رزاق النعاب في عشته ( خ ل ).
(٤) الركوبة جمع ركائب : ما يركب من الإبل أو المركوبة عموماً.
(٥) الرغيبة جمع رغائب : الأمر المرغوب فيه.
(٦) أناخ الجمل : بركة.