هوْلِ الْمُعايَنَةِ حِينَ تَفَردهُ عَمَلُهُ ، وَيَشْغَلُهُ عَنْ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ.
فَارْحَمْ عَبْدَكَ الضَّعِيفَ عَمَلاً الْجَسِيمَ أَمَلاً ، خَرَجَتْ مِنْ يَدِي أَسْبابُ الْوُصُلاتِ إِلاَّ ما وَصَلَهُ رَحْمَتُكَ (١) ، وَتَقَطَّعَتْ عَنِّي عِصَمُ الآمالِ إِلاّ ما أَنَا مُعْتَصِمٌ بِهِ مِنْ عَفْوِكَ ، قَلَّ عِنْدِي مَا أَعْتَدُّ بِهِ مِنْ طاعَتِكَ ، وَكَبُرَ عِنْدِي (٢) ما أَبُوءُ بِهِ (٣) مِنْ مَعْصِيَتِكَ ، وَلَنْ يَضِيقَ عَفْوُكَ عَنْ عَبْدِكَ وَإِنْ أَساءَ ، فَاعْفُ عَنِّي فَقَدْ أَشَرَفَ عَلى خَفايا الْأَعْمالِ عِلْمُكَ ، وَانْكَشَفَ كُلُّ مَسْتُورٍ عِنْدَ خُبْرِكَ ، وَلا يَنْطَوِي عَلَيْكَ دَقائِقُ الأُمُورِ ، وَلا يَعْزُبُ عَنْكَ غَيِّباتُ (٤) السَّرائِرِ.
وَقَدِ اسْتَحْوَذَ (٥) عَلَيَّ عَدُوُّكَ الَّذِي اسْتَنْظَرَكَ لِغِوايَتِي ، فَأَنْظَرْتَهُ ، وَاسْتَمْهَلَكَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ لِاضْلالِي فَأَمْهَلْتَهُ ، وَأَوْقَعَنِي بِصَغائِرِ ذُنُوبٍ مُوبِقَةٍ ، وَكَبائِرِ أَعْمالٍ مُرْدِيَةٍ ، حَتّى إِذا قارَفْتُ مَعْصِيَتَكَ ، وَاسْتَوْجَبْتُ بِسُوءِ فِعْلِي سَخَطَكَ (٦) ، تَوَلّى عَنِّي بِالْبَراءَةِ مِنِّي وَادْبَرَ مُوَلِّياً عَنِّي ، فَأَصْحَرَنِي لِغَضَبِكَ فَرِيداً ، وَأَخْرَجَنِي إِلَى فِناءِ نَقِمَتِكَ طَرِيداً.
لا شَفِيعٌ يَشْفَعُ لِي إِلَيْكَ ، وَلا خَفِيرٌ يَقِينِي (٧) مِنْكَ ، وَلا حِصْنٌ يَحْجُبُنِي عَنْكَ ، وَلا مَلاذٌ أَلْجَأُ إِلَيْهِ مِنْكَ ، فَهذا مَقامُ الْعائِذِ بِكَ مِنَ النَّارِ ، وَمَحَلُّ الْمُعْتَرِفِ لَكَ ، وَلا يَضِيقَنَّ عَنِّي فَضْلَكَ ، وَلا يَقْصُرَنَّ دُونِي عَفْوَكَ ، وَلا أَكُنْ أَخْيَبَ وَفْدِكَ مِنْ عِبادِكَ التَّائِبِينَ ، وَلا أَقْنَطَ وُفُودِكَ الامِلِينَ.
اللهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنَّكَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ، فَطالَ ما أَغْفَلْتُ مِنْ وَظائِفِ فُرُوضِكَ وَتَعَدَّيْتُ عَنْ مَقاماتِ حُدُودِكَ ، فَهذا مَقامُ مَنِ اسْتَحْيا لِنَفْسِهِ مِنْكَ ،
__________________
(١) الا وصلة رحمتك ( خ ل ).
(٢) عليّ ( خ ل ).
(٣) أبوء به : أقرّ.
(٤) خيّبات ( خ ل ).
(٥) استحوذ : غلب.
(٦) لسوء سعيي سخطتك ( خ ل ).
(٧) يؤمنني ( خ ل ).