عَفْوَكَ وَصَفْحَكَ أَمَّلَتْ ، وَعَلى بِرِّكَ وَإِحْسانِكَ يا كَرِيمُ عَوَّلَتْ ، وَلِبابِ فَضْلِكَ وَمَعْرُوفِكَ طَرَقَتْ ، وَلِرَحْمَتِكَ (١) تَعَرَّضَتْ.
إِلهِي ذَلَّتْ لِعَظَمَتِكَ الْأَرْبابُ ، وَتاهَتْ (٢) عِنْدَ تَأَمُّلِ عَزِيزِ سُلْطانِكَ أُولُوا الْأَلْبابِ ، وَقَصَدَكَ السَّائِلُونَ لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّكَ جَوادٌ وَهَّابٌ ، فَقَصَدْتُكَ يا إِلهِي لِمَعْرِفَتِي بِأَنَّكَ تُجِيبُ الدَّاعِينَ ، وَتَسْمَعُ سُؤَالَ السَّائِلِينَ ، وَتَقْبَلُ بِبِرِّكَ لِمَعْرُوفِكَ عَلَى التَّائِبِينَ ، فَقَبَضْتُ إِلَيْكَ كَفّاً هِيَ مِنْ عقابِكَ خائِفَةٌ ، وَبِما جَنَتْ مِنَ الْخَطايا عارِفَةٌ.
وَشَخَصَتْ إِلَيْكَ بِعَيْنٍ هِيَ مِنْ هَيْبَتِكَ ذارِفَةٌ (٣) ، وَدَعَوْتُكَ بِلِسانٍ نَغماتُهُ لِشُكْرِكَ واصِفَةٌ ، وَأَذْلَلْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ نَفْساً لَمْ تَزَلْ عَلَى الْمَعاصِي عاكِفَةٌ (٤) ، فَيا مَنْ يَعْلَمُ سَرِيرَتِي ، ارْحَمْ ضَعْفِي وَمَسْكَنَتِي ، وَتَغَمَّدْنِي بِعَفْوِكَ وَسِتْرِكَ فِي دُنْيايَ وَآخِرَتِي ، وَلا تَكِلْنِي إِلى سِواكَ فَأَنْتَ رَجائِي وَأَمَلِي.
يا عُدَّتِي عِنْدَ الشَّدائِدِ ، يا مَنْ لا يُضْجِرُهُ سائِلٌ سَأَلَ ، وَلا يَثْقُلُ عَلَيْهِ مُلِحُّ بِالدُّعاءِ مُبْتَهِلٌ ، بابُكَ لِلطَّارِقِينَ مَفْتُوحٌ ، وَبِرُّكَ لِلْمُنِيبِينَ مَمْنُوحٌ (٥) ، فَأَنْتَ مَشْكُورٌ مَمْدُوحٌ ، اللهُمَّ وَهذِهِ لَيْلَةٌ مَنْ عَرَفَ ظاهِرَها فازَ ، وَمَنْ عَرَفَ باطِنَها فَكُلَ (٦) فَضِيلَةٍ حازَ.
اللهُمَّ وَفِّقْنا فِيها لِلْأَعْمالِ الصَّالِحَةِ ، وَالتِّجارَةِ الرَّابِحَةِ ، وَالسُّلُوكِ لِلْمَحَجَّةِ الْواضِحَةِ ، وَاجْعَلْها لَنا شاهِدَةً ، وَقِنا فِيها مِنَ الشَّدائِدِ ، وَاجْعَلِ الْخَيْرَ عَلَيْنا فِيها وارِداً ، وَلا تُشْمِتْ بِنا عَدُوّاً وَلا حاسِداً ، فَأَنْتَ الْأَحَدُ الْواحِدُ.
إِلهِي ها أَنَا ذا عَبْدُكَ بَيْنَ يَدَيْكَ ، باسِطٌ إِلَيْكَ كَفّاً هِيَ حَذِرَةٌ مِمَّا جَنَتْ ،
__________________
(١) لمعروفك ( خ ل ).
(٢) تاهت : ضلّت.
(٣) ذرف العين دمعها : اسالته.
(٤) عكف على الأمر : لزمه مواظبا.
(٥) منحه : أعطاه.
(٦) فبكل ( خ ل ).