كنّا عند الرضا عليهالسلام والمجلس غاصّ بأهله (١) فتذاكروا يوم الغدير ، فأنكره بعض النّاس ، فقال الرضا عليهالسلام : حدثني أبي ، عن أبيه عليهماالسلام قال :
انّ يوم الغدير في السّماء أشهر منه في الأرض ، انّ لله عزّ وجلّ في الفردوس الأعلى قصرا ، لبنة من ذهب ولبنة من فضّة ، فيه مائة ألف قبّة من ياقوتة حمراء ومائة ألف خيمة من ياقوت أخضر ، ترابه المسك والعنبر فيه أربعة أنهار : نهر من خمر ونهر من ماء ونهر من لبن ونهر من عسل ، حواليه أشجار جميع الفواكه ، عليه طيور أبدانها من لؤلؤ وأجنحتها من ياقوت تصوّت بألوان الأصوات.
فإذا كان يوم الغدير ورد إلى ذلك القصر أهل السماوات يسبّحون الله ويقدّسونه ويهلّلونه ، فتطاير تلك الطّيور فتقع في ذلك الماء وتتمرّغ (٢) على ذلك المسك والعنبر ، فإذا اجتمعت الملائكة طارت تلك الطيور فتنفض (٣) ذلك ، وانّهم في ذلك اليوم ليتهادّون نثار فاطمة عليهاالسلام فإذا كان آخر اليوم نودوا : انصرفوا إلى مراتبكم فقد أمنتم من الخطأ والزلل إلى قابل في مثل هذا اليوم تكرمة لمحمّد وعلي عليهماالسلام.
ثم التفت فقال لي : يا ابن أبي نصر اين ما كنت فاحضر يوم الغدير عند أمير المؤمنين عليهالسلام ، فان الله تبارك وتعالى يغفر لكل مؤمن ومؤمنة ومسلم ومسلمة ذنوب ستين سنة ويعتق من النار ضعف ما أعتق من شهر رمضان وليلة القدر وليلة الفطر ولدرهم فيه بألف درهم لإخوانك العارفين وأفضل على إخوانك في هذا اليوم وسرّ فيه كلّ مؤمن ومؤمنة.
ثم قال : يا أهل الكوفة لقد أعطيتم خيرا كثيرا وانّكم لمّمن امتحن الله قلبه للإيمان ، مستذلّون مقهورون ممتحنون يصبّ البلاء عليهم صبّا ، ثم يكشفه كاشف الكرب العظيم ، والله لو عرف الناس فضل هذا اليوم بحقيقته لصافحتهم الملائكة في كلّ يوم عشر مرّات ، ولو لا انّي أكره التطويل لذكرت فضل هذا اليوم وما أعطاه الله لمن عرفه
__________________
(١) عضّ المكان بهم : امتلأ وضاق عليهم.
(٢) تمرّغ في التراب : تقلب.
(٣) الفض : النفر المتفرقون.