السلام وأن ينصبه علما للنّاس بعده ، وأن يستخلفه في أمّته.
فهبط إليه وقال له : حبيبي محمّد إنّ الله يقرئك السّلام ، ويقول لك : قم في هذا اليوم بولاية عليّ صلىاللهعليهوآله ليكون علما لأمّتك بعدك ، يرجعون إليه ، ويكون لهم كأنت ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : حبيبي جبرئيل إنّي أخاف تغيّر أصحابي لما قد وتروه وأن يبدوا ما يضمرون فيه.
فعرج ، وما لبث أن هبط بأمر الله فقال له : ( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) (١).
فقام رسول الله صلىاللهعليهوآله ذعرا (٢) مرعوبا خائفا من شدّة الرّمضاء (٣) وقدماه تشويان ، وأمر بأن ينظف الموضع ويقمّ (٤) ما تحت الدّوح (٥) من الشوك وغيره ، ففعل ذلك ، ثمّ نادى بالصّلاة جامعة ، فاجتمع المسلمون وفيمن اجتمع أبو بكر وعمرو عثمان وسائر المهاجرين والأنصار.
ثمّ قام خطيبا وذكر بعده الولاية ، فألزمها للنّاس جميعا فأعلمهم أمر الله بذلك فقال قوم ما قالوا وتناجوا بما أسرّوا.
فإذا كان صبيحة ذلك اليوم وجب الغسل في صدر نهاره ، وأن يلبس المؤمن أنظف ثيابه وأفخرها ويتطيّب إمكانه وانبساط يده ثم يقول :
اللهُمَّ إِنَّ هذا الْيَوْمَ شَرَّفْتَنا فِيهِ بِوِلايَةِ وَلِيِّكَ عَلِيٍّ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِ وَجَعَلْتَهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَمَرْتَنا بِمُوالاتِهِ وَطاعَتِهِ وَأَنْ نَتَمَسَّكَ بِما يُقَرِّبُنا إِلَيْكَ ، وَيُزْلِفُنا لَدَيْكَ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ.
اللهُمَّ قَدْ قَبِلْنا أَمْرَكَ وَنَهْيَكَ ، وَسَمِعْنا وَأَطَعْنا لِنَبِيِّكَ ، وَسَلَّمْنا وَرَضِينا ، فَنَحْنُ مَوالِيَّ عَلِيٍّ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِ ، وَأَوْلِياؤُهُ كَما أَمَرْتَ ، نُوالِيهِ وَنُعادِي مَنْ
__________________
(١) المائدة : ٦٧.
(٢) ذعره : أفزعه.
(٣) الرمضاء : شدة الحر ، الأرض الحامية من شدة حرّ الشمس.
(٤) قمّ البيت : كسحة.
(٥) الدوحة ج دوح : الشجرة العظيمة المتسعة.